أخبارمنوعات

الباحث ” محمود عبد الباسط” يكتب لـ” المحروسة نيوز ” : هى كلمة !!

في يوم 25 ديسمبر، 2023 | بتوقيت 10:00 صباحًا

يقول أستاذنا الدكتور سامي عبد العزيز (أستاذ وخبير الإعلام والاتصال): «إذا أردت التأثير في الناس.. فابدأ من عند الناس»..

ومَن منا من جيل الثمانينيات لا يتذكر الفنان الراحل محمد رضا وهو يردد مقولة «هِيَّ كلمة.. طول ما نِدِّي ضهرنا للترعة.. عمر البلهارسيا في جتتنا ما ترعى».. وذلك في الإعلان التليفزيوني الشهير ضمن الحملة القومية لمكافحة الإصابة بالبلهارسيا، وكأحد نماذج حملات التسويق الاجتماعي الناجحة وقتها، والتي كان من مقومات نجاحها لا شك هو التخطيط والتنفيذ الاحترافي لمنهجيات التسويق الاجتماعي؟ .

كما أن ذاكرة الإعلام المصري عبر عقود من الزمن تذخر بالعديد من الأمثلة الناجحة لمثل هذه الحملات، ومنها مثلًا حملة (انظر حولك) للتوعية بتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية و(حسانين ومحمدين) للمطربة الشعبية فاطمة عيد، وحملة مكافحة الإصابة بالإيدز، وحملة مكافحة الجفاف عند الأطفال للفنانة الراحلة كريمة مختار، وحملات محو الأمية ومكافحة التسرب من التعليم للفنانة الراحلة سناء يونس، وحملة نظافة الشوارع وعدم إلقاء المخلفات للفنان الراحل يونس شلبي، وإعلانات التوعية بمفاهيم السلامة داخل المنزل، وحملات ترشيد استهلاك المياه، وحملة (اشتري المصري) للحث على دعم الصناعة المحلية، وغيرها من الحملات التي تظل عالقة في أذهاننا إلى اليوم رغم مرور عشرات السنين، فجميعها حملات تُعتبر قصص نجاح، امتدت لبعض الدول العربية للاستفادة منها كدليل على احترافيتها، بدايةً من اختيار الموضوع وانتهاءً بحِرفية التنفيذ والتقييم.

ومن هنا نتساءل: إلى أي مدى وصل حال التسويق الاجتماعي في مصر في الوقت الحالي؟.

وهل تحظى حملات التوعية الاجتماعية بالاهتمام المطلوب رغم الحاجة الكبيرة لها وظهور العديد من القضايا التي تحتاج لمثل هذه الحملات؟

وهل الحملات الاجتماعية التي تُذاع وتُنشر مؤخرًا أو في الوقت الحالي تحظى بنفس القدر من الحِرفية والتخطيط مثلما كانت عليه في السابق؟!.

والحقيقة أنه بالفعل هناك مبادرات وحملات قومية تحظى برعاية واهتمام القيادة السياسية نفسها، ومنها ما يؤدي بشكل جيد على مستوى الانتشار والوصول والتكرار عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وهناك نتائج إيجابية لتلك الحملات بشكل أو بآخر على مستوى الوعي وتغيير السلوك كحملة 100 مليون صحة وغيرها.

ولكن وعلى الرغم من تعدُّد الحملات الاجتماعية في الوقت الراهن إلا أن الملاحظات الأولية على بعضها تبدو وكأنها تفتقر للتخطيط الجيد من أجل إحداث التأثير المرغوب، خاصة وأنه كما هو معلوم أن حملات التسويق الاجتماعي تُعَد أصعب من التسويق التجاري من حيث إحداث التأثير، حيث يتعلق الأمر بتغيير الأفكار أو الاتجاهات أو المعتقدات.

فالأمر يتطلب أولًا وضع معايير لاختيار موضوعات حملات التسويق الاجتماعي، ووضعها في مصفوفة أولويات المجتمع، ثم الاستناد إلى البحوث والدراسات المعنية بالقضية المراد تدشين حملة اجتماعية نحوها، من أجل فهم أبعاد تلك القضية بالشكل المطلوب، ثم التخطيط لتنفيذ الحملة زمانيًّا ومكانيًّا على الأرض.

وهي المرحلة التي تتضمن حشد كل الطاقات والإمكانات اللازمة من خبراء وتمويل ووسائل اتصالية وتكنيكات واستمالات إقناعية، والشخصيات الاستشهادية المؤثرة في الجمهور، وتهيئة الفرق الميدانية لتشجيع الجمهور على التفاعل مع الحملة.

وغيرها من المكونات والأدوات والتي لا بد أن تتكامل جميعها وتعزف مع بعضها البعض في منظومة واحدة لإحداث التأثير.

فمن غير المنطقي مثلًا توظيف شخصيات استشهادية أو مؤثرين لا يحظون بالقبول الجماهيري!! أو أن يتم تكثيف تكرار الرسالة التوعوية في حين أن الفريق الميداني يفتقر للتدريب الكافي للتعامل مع الجمهور المستهدف، ومن ثم تذهب الجهود الأخرى هباءً.

لذا هنا نوصي القائمين على إدارة الحملات الاجتماعية القومية بضرورة الاستعانة بالأسس العلمية وبالخبراء المختصين من أجل حملات اجتماعية أكثر فاعلية.

كاتب المقال

محمود عبد الباسط 

الباحث ، عضو المكتب الإعلامى للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية