مع بداية شهر أكتوبر، من هذا العام، قررت أن أطوف جامعات مصر، لأحدث طلبتها عن حرب أكتوبر المجيدة وأحداثها، خاصة وأن حقيقة انتصارنا في تلك الحرب قد تعرض للعديد من الآراء الخبيثة والهدامة. فوجدته لزاماً عليّ، وأنا أحد المشاركين فيها، أن أوضح لشبابنا ما قدمه الآباء والأجداد، حتى تحقق لمصر أعظم انتصاراتها في العصر الحديث.
ولقد تشرفت بزيارة جامعات سوهاج، وأسيوط، وعين شمس، والقاهرة، وبنها، والإسكندرية، وبدر، والجامعة اليابانية، وغيرهم. والحقيقة أن أهم ملاحظاتي من تلك اللقاءات، هو اهتمام هذا الجيل الجديد، من شباب مصر، الذين لم يتجاوزوا العشرينات من أعمارهم، ورغبتهم في العلم والمعرفة، رغم ما يدعيه البعض من أنهم “جيل السوشيال ميديا”، الذي لا يقرأ ولا يتابع حتى شاشات التليفزيون.
ورغم انطباق تلك الآراء على البعض منهم، إلا أن تعميمها خطأ كبيراً، والحقيقة أنني لا أعفي أجيالنا من مسئولية ما وصل إليه بعض الشباب، بابتعادنا عنهم، وتسليمنا بأنهم غير مهتمين إلا بمتابعة المحتوى الفارغ على منصات التواصل الاجتماعي. فعندما اقتربت من هؤلاء الشباب، وجدت منهم الكثيرون ممن يسعون إلى الحقيقة، من خلال الاستماع والمناقشة، وهو ما حرص عليه السادة رؤساء الجامعات، خلال كل اللقاءات، بإفساح المجال للطلاب لطرح الأسئلة والنقاش في وجهات نظرهم.
تزامنت لقاءاتي مع شباب الجامعات مع بدء معركة غزة، بين حماس وإسرائيل، فهالني حجم التعاطف الذي أبداه شباب مصر مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وكنت أظن أننا نحن، جيل عبد الناصر، آخر الأجيال المهتمة بالقومية العربية، فإذا بي أفاجأ بقوة الجينات المصرية، وقد امتدت للأجيال اللاحقة، الذين يدركون انتماءهم للأمة العربية، ويحملون على أكتافهم هموم الوطن العربي، والقضية الفلسطينية.
فاستمعت لانفعال الشباب لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عقاب جماعي، واستمتعت بكم المعلومات التاريخية التي يعرفونها عن القضية الفلسطينية، ولمست تقديرهم لدور الرئيس عبد الفتاح السيسي الرافض لتهجير الفلسطينيون من غزة إلى الأراضي المصرية في سيناء، وإدراكهم للثوابت القائم عليها الموقف المصري.
وكان أظرف تعليق سمعته من أحد الطلاب، “أن ما يحدث في فلسطين جعلنا ننسى سعر البصل والطماطم”، فرغم بساطة التعليق، إلا أنه يعكس أصل الشعب المصري، ووعيه بأولويات الأمة، وضرورة الاصطفاف وراء حماية الأمن القومي المصري، دون إخلال بتوجهات القومية العربية. وخرجت من كل تلك اللقاءات وأنا مطمئن أن المستقبل رائع، بإذن الله، مادام فيها هذا الشباب، فهنيئاً لمصر شبابها الوطني، المتحضر، الواعي.