سقارة
ان منطقة سقارة اشتقت اسمها من الاله (سوكر) اله الموتى في تلك الجبانة العظيمة والكبيرة.وان منطقة سقارة تمتد بطول الصحراء الى الغرب من منف بطول 6 كم وعرضها لا يزيد عن 1.5 كم.ولكبر مساحة تلك الجبانة فلقد تم تقسيمها الى قسمين:-
اولا- القسم الأول: وهى سقارة الشماية او (البحرية)
ثانيا-القسم الثانى:وهى سقارة الجنوبية او (القبلة)
أولا:- سقارة الشمالية (البحرية) وهى مليئة بالمقابر والاهرامات والمصاطب،ولكننا نبداها بدون تسلسل تاريخى باهمها.
– هرم الملك سخم خت: وهو ابن الملك زوسر وخليفته على العرش،والهرم مهدم تماما ويعرف كذلك باسم (الهرم الناقص) ويقال بان بنائه كان على نمط مصطبة او الهرم المدرج لابيه الملك زوسر.
– هرم الملك تيتى: وهو اول ملوك الاسرة السادسة،وحجمه يقترب من حجم هرم الملك اوناس،حيث يبلغ ارتفاعه 52 مترا،وقاعدته
78 مترا.وقد تولى الحكم نظرا لزواجه من الملكة (إيبوت الأولى) ِإحدى بنات الفرعون أوناس اخر ملوك الاسرة الخامسة.
– السرابيوم: وهو من اكتشاف الاثارى الفرنسي (مارييت باشا) وكان مخصص كمدافن للعجل ابيس،وكان من شروط هذا العجل بان يكون لونه اسود وعلى جبهته علامة بيضاء مربعة الشكل،وعلى ظهره رسم نسر وفى ذيله شعر مزدوج وعلى لسانه رسم جعران وامه لا تلد غيره.ومن هذا الشرح نستطيع ان نستنتج ان كهنة العجل ابيس كانوا ضالعين في جمع الصفات اللازمة لهذا العجل؟
وفى عام 1945 وفق الدكتور المرحوم (احمد بدوى) ومساعده آنذاك الدكتور (مصطفى الأمير) الى العثور على المكان الذى كان يحفظ فيه العجل ابيس ويرجع الى عهد الاسرة 26.وقد كان العجل ابيس الذى كان تقديسه مع عجلول أخرى مثل عجل منفيس في هليوبوليس والكبش منديس،من المظاهر الشائعة في العصر البطلمى على أساس انه الاله المصرى (بتاح)
وكانت توجد أصلا ثلاثة مجموعات من هذه المدافن،ويقال بان المجموعة الاقدم ترجع تاريخها الى منتصف الاسرة 18،وكان العجل يدفن في حجرة سفلية بعد تحنيطه وهى حجرة منفصلة يعلوها هيكل مقام على السطح.
وفى الفترة بين الاسرتين 19و25 اتبعت طريقة مختلفة،فقد كان يحفر في الصخر دهاليز تفتح منه حجرات الدفن على كلا الجانبين،وفى هذه الحجرات كانت تدفن العجول المقدسة.واخيرا وضع الملك (بسماتيك الأول) من الاسرة 26 تخطيطا للدهليز على نطاق واسع،واتبع تخطيطه خلال العصر البطلمى كذلك.
ويبلغ الطول الكلى للدهليز 245 مترا،ويبلغ طول الدهليز الكبير وحده 192 مترا،وفى الحجرات الجانبية التي تتفرع من الممرات كانت توضع توابيت جرانيتية ضخمة من الطراز المعروف من العصر الصاوى وترقد بداخلها العجول المحنطة.
تعريف كلمة المصطبة: هي كلمة عربية وتعنى (المقعد) الذى يوضع غالبا الى جانب او في مدخل البيت،وقد اطلقت على مقابر الدولة القديمة لشدة الشبه بينها وبين ذلك المقعد المبنى بالطوب اللبن او الحجر.وقد وافق (مارييت باشا) على تسمية هذه المقابر باسم المصطبة حين سمع عماله يطلقونها على هذا النوع من المقابر.والمصطبة هي في حقيقة الامر تطوير للكومة الترابية التي كانت تكوم فوق حفرة الدفن البدائية.ففي البداية كان الدفن يتم في حفرة بسيطة مستطيلة او مستديرة الشكل،ثم كومت فوقها لتحمى محتوياتها من النهب والسرقة،ثم كسيت الكومة بالطوب اللبن زيادة في المحافظة عليها.ولذلك نجد في سقارة بقسميها العديد من المصاطب والتي تعود الى عصر الدولة القديمة ومن اهم المصاطب في سقارة الشمالية:
– مصطبة بتاح حتب: وكان يشغل منصبا مرموقا في عهد الملك (كا رع اسيسى) من الاسرة الخامسة.وهذا الاسم بتاح حتب نجد له في سقارة اكثر من مصطبة وكلهم يحملون نفس الاسم،ولذا يعصب تحديد من منهم على وجه الدقة من كتب (تعاليم بتاح حتب) وهذه المصطبة قد تقاسمها بتاح حتب مع شخص اخر يدعى (اخت حتب) ولا ندرى في حقيقة الامر صلة الاثنين ببعضهما البعض. ولكن في هذه المصطبة نجد اسما لاحد الرسامين وهو المدعو (تى عنخ بتاح) وكان من اشهر الفنانيين في عهد الاسرة الخامسة.
– مصطبة تى: وهذه المصطبة بحق اشهر مصطبة في سقارة ولا يماثلها في مصر غير مقبرة الملك (سيتى الأول) في وادى الملوك بالاقصر.فى الركن الجنوبى الغربى من صالة المصطبة نجد باب يؤدى الى دهليز وعلى جانبه الأيمن بابا وهميا للسيدة (نفر حتب اس) وهى زوجة تى،وعلى كل جدارى الدهليز رسوم لحملة القرابين.
– مصطبة عنخ ماحور: وهى تقع الى الشرق قليلا من مصطبة كاجمنى والى الشمال من هرم تيتى وتعرف باسم (مقبرة الطبيب) اذ توجد بحجرة فرعية مناظر تمثل عمليات جراحية كالطهارة وجراحة الاصبع لقدم لاحد الأشخاص.
-مصطبة كاجمنى: وقد كان وزيرا وقاضيا في عهد ثلاثة ملوك من الاسرة السادسة،ولا ينغبى الخلط بينه وبين الحكيم (كاجمنى) صاحب التعاليم الشهيرة والذى كان حاكما للمدينة في عهد الملك (حونى) اخر ملوك الاسرة الثالثة.ومصطبة كاجمنى هذا تعتبر من اكبر مصاطب سقارة وثرية بمناظرها الممتازة والوانها.
-مصطبة مرى روكا:-وهى من اكبر مصاطب سقارة على الاطلاق حيث انها تتكون من 33 حجرة.وتتميز بكثرة دهاليزها،وترجع هذه الكثرة من الحجرات والدهاليز لانها مقبرة عائلية،قسم منها لمرى روكا نفسه،وقسم اخر لزوجته الاميرة (مريت تيتى) وهى ابنة الملك تيتى،وقسم ثالث لابنه (مرى تيتى)
-مصطبة نفرتم بتاح: وهى ليست ذو اهتمام على الاطلاق،ولكن يميزها وتلفت النظر الأسلوب البارع الواضح لصاحب المقبرة لبابه الوهمى ليحصل على اكبر قدر من الهدايا المقدمة والقرابين.وهذه المصطبة من حجرة واحدة وتعود الى عصر الاسرة الخامسة وكان لقبه (رئيس حلاقي البيت الكبير)
-مصطبة حسى رع:-وهى تقع على مرتفع يطل على قرية أبو صير بالطرف الشمالى من الجبانة،وهو موقع يزيد ارتفاعا عن اى مكان اخر في المنطقة.وهى من عصر الاسرة الثالثة والملك زوسر.وترجع أهمية هذه المصطبة لما يوجد بها من امثلة رائعة من المهارة في الحفر على الخشب والذى انتشر في الاسرة الثالثة.ولقد اكتشف هذه المقبرة الاثارى (مارييت) حيث عثر فيها على خمس لوحات خشبية في ثلاثة فجوات وهى معروضة في المتحف المصرى.وعلى الرغم من التلف الذى تعرضت له هذه اللوحات خلال 5 الاف عاما،الا انها تبهر العالم كله لهذه الدقة في النحت على الخشب.
-مصطبة شيخ البلد:-وقد عثر مارييت فيها على تمثال جميل الصنع من الخشب مجهول الاسم والصاحب والاسرة،ولكنه في غاية الدقة والجمال.وعلى الباب الشمالى للمقصورة وجد أيضا تمثالا لا يقع روعة عنه (زوجة شيخ البلد) وأيضا مجهولة الاسم والهوية.وقد سمى التمثال بشيبخ البلد حيث العمال عند اكتشافه اخبروا ماريت بانه تشبه تماما لشيخ بلدهم في سقارة آنذاك بالتفصيل تماما،ولذلك اطلق عليه اسم شيخ البلد.
والى لقاء مع المقال القادم ومواصلة الحديث عن سقارة
الباحث الاثارى والمرشد السياحى
احمد السنوسى