بداية، لابد من إلقاء الضوء على ما سمعته في محاضرة بنقابتي العريقة ” الصحفيين” للواء حمدي لبيب عن الهوية المصرية من أسبوعين تقريبا، حيث فاجأ الحضور بوجود بعض الكتب الدراسية للتعليم الأجنبي داخل مصر تدعي – زورا وبهتانا – أن العدو الإسرائيلى هو الذي انتصر في أكتوبر 1973 وليست مصر، وهذا الكلام الخطير أكد عليه الزميل الكاتب الصحفى محمد الشافعي – المؤرخ العسكري الذي شارك اللواء حمدي نفس المحاضرة…..!!
ما سبق حفزني لكتابة مقال طويل إلى حد ما لكشف الحقائق عن نصر أكتوبر العظيم، آملا أن تتحرك الجهات المعنية لمناقشة عملية التحضير لعمل درامي عالمي عملاق يليق بنصر مصر العظيم في حرب أكتوبر 1973.
في هذا السياق، ومن دواعي سروري أن علاقتي بقيادات قواتنا المسلحة في: الاستنزاف و5 يونيو واكتوبر 1973 تتميز بالمحبة والتقدير، فمنذ العام 2012، وأنا حريص جدا – بحكم عمل الصحفي بجريدتي الدستور – على استضافة عدد لا بأس به منهم في أي مناسبات أو أحداث تخص مصرنا الحبيبة، ومنهم على سبيل المثال من انتقل الي الرفيق الأعلى مثل:
– لواء صاعقة.د. مصطفي كامل، محافظ بور سعيد الأسبق، مدير الكلية الحربية الأسبق، عليه رحمة الله، واللواء طيار محمد زكي عكاشة، رحمه الله، واللواء صاعقة محي نوح، رحمه الله، واللواء صاعقة أحمد رجائي، رحمه الله، واللواء مخابرات سامح سيف اليزن، رحمه الله، والرائد صاعقة محمد عبده، والفريق محمد الشحات، رحمه الله، واللواء مشاه طلعت مسلم، رحمه الله.
أما من هم على قيد الحياة، العميد يسري عمارة، أطال الله عمره، اللواء صاعقة محمد وئام، أطال الله عمره، واللواء مخابرات حربية هاني سعفان، أطال الله عمره، واللواء صاعقة مختار الفار أطال الله عمره، واللواء.د. أحمد شوقي، أطال الله عمره، واللواء صاعقة مجدي شحاته، والفريق جلال الهريدى، أطال الله عمره، و…………
هؤلاء الأبطال، وغيرهم من قيادات قواتنا المسلحة العظام، سطروا بطولات فردية وجماعية ضد العدو الإسرائيلي لا يقوم بها إلا مقاتلين شرفاء تفوق في معظمها الخيال مثل: معركة رأس العش، والتمساح 1 و 2، و…..
ما سبق يجعلني أشير بايجاز أن الجيش المصرى فى معظم فترات تاريخه، هو الأقوى والأعرق بين جيوش المنطقة، سواء الآن أو منذ بدايات الحضارة المصرية القديمة، لذا فالجيش المصرى يلعب دوراً كبيراً فى الدفاع عن حضارته ضد الغزاة على مر العصور، كما قدم الفكر العسكرى المصرى أرقى مفاهيم و تقاليد الجندي، و خاض معارك كبيرة ضد جيوش ضخمه، هاجمت الإمبراطوية المصرية أو جهزت لمهاجمتها، العثمانيون والتتار نموذجا.
من هذه المعارك الخالدة، كانت معركة البطل أحمس الأول – مؤسس الأسرة 18 – ضد الهكسوس، فأبادهم عن بكرة أبيهم، ثم معركة “قادش” فى عهد الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين، و معركة “مجيدو” فى عهد تحتمس الثالث، و فى العصور الوسطى، كانت معارك: “حطين” و “عين جالوت” و “المنصورة” و “فتح عكا” و “مرج الصفر” و غيرها من المعارك ضد: المغول والصليبيين، وانتصر فيها جميعاً الجيش المصري نصراً عظيماً، ولا يجب أن ننسى، أنه فى العصر البطلمى كان الجيش المصرى وسيظل بإذن الله تعالي من أقوى جيوش العالم، والأسطول البحرى المصرى، كان وسيظل أيضاً سيد البحر المتوسط من غير منازع.
ويكفي ما كشفه الإعلام الإسرائيلي عن حالة الهلع والتخوف والجبن التى اعترت جنوده، خصوصاُ الاحتياط الذين تم استدعائهم لخوض حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وعلى سبيل المثال لا الحصر، عقيد إسرائيلي يُدعى أمير رؤوبني – قائد الكتيبة 68 – التي كان يتشكل معظم مقاتليها من قوات الاحتياط التابعة للواء “جولاني” بالمنطقة الشمالية في هضبة الجولان المحتلة، كشف عن حالة السخط التى انتابت قواته ضد قيادتهم بسبب مارأوه من بسالة المقاتل المصرى وشراسته، موضحاً أن”سيناريو الحرب بهذه الضراوة لم يكن متوقعا بالمرة”،
وأضاف: “تفاجأت في الثانية من ظهر يوم السادس أكتوبر من خلال اتصال لاسلكي يعلن عن بدء قصف الطائرات الحربية المصرية للأهداف الإسرائيلية في سيناء مع مشاهدة للقوات وهي تعبر قناة السويس..حينها صرخ أحد جنودى :لقد جاءوا إلين وسوف يذبحوننا وبعدها انقطع الاتصال وبدأنا نواجه سيلا عارما لا يمكن وصفه من قوات الدفاع الجوي المصري.. هذه شهادة العدو”.
فى شهادة أخرى داخل كتاب بعنوان “حياتى” – لرئيسة وزراء اسرائيل جولدا مائير – قالت فيه: ” لن أكتب عن الحرب – من الناحية العسكرية- فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معي باقيًا علي الدوام”.
أما موشئ ديان – وزير الدفاع الاسرائيلى – فقال: “إن الحرب قد اظهرت أننا لسنا اقوي من المصريين، وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن اسرائيل اقوي من العرب، وأن الهزيمة ستلحق بهم اذا اجترأوا علي بدء الحرب، هذا المبدأ لم يثبت”.. شهادات كثيرة اعترف بها هؤلاء المجرمون تؤكد جميعهاعظمة وبسالة وشجاعة المقاتل المصرى.
وبهذه المناسبة، فقد وقعت عيني على بعض المأثورات الخالدة بحق أبطال جيشنا العظيم، والتي صاغها ونشرها على صفحته اللواء أركان حرب صاعقة أحمد رجائي، أحد رجالات قواتنا المسلحة البواسل، ومؤسس وحدة القوات الخاصة 777، وأحد أبطال المجموعة 39 قتال.
تربطني باللواء أحمد علاقة راقية منذ 2009، حيث كتب معي عدة مقالات بجريدة الدستور، كما أنه كان أحد مصادري الخاصة في العديد من: الندوات والتحقيقات والحوارات والمقالات التي أنجزتها على مدار 10 أعوام مضت عن بطولات قواتنا المسلحة في السلم والحرب.
من ضمن ما أخبرني به اللواء “رجائي” خلال فترة حكم الجماعة الإرهابية لمصر، تلك الزيارة السرية التي قام بها الإخواني الحمساوي خالد مشعل لـ “مرسي” بقصر الاتحادية عام 2013، وعندما سألته عن توقعاته لعزل “مرسي”، أكد لي أن ساعة الحسم اقتربت، وأن الشعب وخلفه قواته المسلحة سيسحل “الإخوان” في الشوارع إن لم يرحلوا بسلام، أو استقووا بالأمريكان.
واللواء “رجائي” له تاريخ عسكري عريق، وله أيضاً بصمته الخاصة في: حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر المجيدة، كما أنه كان أحد الأبطال العِظام الذين رافقوا سيد الشهداء العميد إبراهيم الرفاعي في مُعظم عملياته الانتحارية الناجحة ضد العدو وحتى لحظة استشهاده، ومما يجب ذكره أيضاً، أن اللواء “رجائي” كتب لي مقدمة رائعة لأحد كُتبي الذي أعتز به.
وها هي بعض المأثورات التي قِيلت بحق أبطالنا، وسأبدأها بقول الحبيب المصطفي – صلى الله عليه وسلم: “إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم في رباط إلى يوم القيامة”.
وقال نابيليون بونابرت: “لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم”.
وأكد نابليون الثالث بعد حرب المكسيك قبل أن تصل الكتيبة المصرية إلى المكسيك: “لم نحظ بأنتصار واحد، وبعد أن وصلت لم نمن بهزيمة واحدة”.
فيما أوضح مارشال فورية – القائد العام للحملة الفرنسية فى المكسيك: “إنى لم أر فى حياتى مطلقاً قتالاً نُشب بين سكون عميق، وفى حماسة تضارع حماستهم، فقد كانت أعينهم وحدها هى التى تتكلم، وكانت جرأتهم تذهل العقول، وتحير الألباب حتى لكأنهم ما كانوا جنوداً بل أسوداً”.
وشهد البارون بوالكونت بعدما أذهلته معارك الجيش المصرى فى سوريا 1832: “إن المصريين هم خير من رأيت من جنود”.
أما كلوت بك – الطبيب الفرنسي فقال: “ربما يعد المصريين أصلح الأمم، لأن يكونوا من خيرة الجنود، ومن صفاتهم العسكرية الأمتثال للأوامر، والشجاعة والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر فى مواجهه الخطوب، والمحن، والاقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار، وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد”.
وركز المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم على: “لا ترسلوا لى فرقة تركية، ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية”.
وقال لورد كتشنر بعد انتصاره فى جنوب إفريقيا: “ما أكثر المآزق الحرجة التى وجدت فيها نفسى فى القتال، ولكننى كثيراً ما فكرت وانا بأي مأزق فى شجعانى، المصريين وتمنيت ان يكونوا فى جانبى”.
وعقب المارشال سيمور – قائد البحرية الأنجليزية – اثناء حرب الاسكندرية، على سرعة المدفعية المصرية فى الرد من الفتحات التى تم تدميرها قائلا: “رائع أيها المصرى المقاتل”.
ويقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الفرنسية: “يوم السبت السادس من أكتوبر 1973م اتصلوا بى وطلبوا منى التوجه لقيادة شبيبة الطلائع المحاربة، ففوجئت خاصة أنه تم تسريحى قبل أسبوع فقط، وفى المرحلة الأولى ساعدت المجندين ، وعندما أدركوا أن هناك ضحايا ومئات المفقودين، وأننا لا نسيطر على الأمور عينونى ضابط تتبع للمفقودين بالقيادة ، وعملت لمدة أسبوع فى ذلك وكان أصعب أسبوع فى حياتى ، وكان أصعب شئ عندما وجدت فى موقع تجميع القتلى زميلى بالدراسة قتيلاً فعدت إلى القياد، وأضاف:
– “إننى غير مستعد للاستمرار فى التتبع وأريد أن أكون فى المقدمة مع المقاتلين ، وتقرر تشكيل كتيبة من طلائع الشبيبة وتطوعت لأكون مساعد قائد الكتيبة ، وعلى ضفاف القناة ساعدت القائد وقابلت هناك عقيد يبحث يائساً عن ابنه الذى كان داخل دبابة وسقطت فى المياه تجولت مع الأب لمدة 48 ساعة ولم أستطع مساعدته ، وقابلت كثيراً جدا من الرجال المذهولين ، ورأيت قادة بوجوه هزيلة ، وجنوداً فقدوا أبصارهم” .
وأكد الإسرائيلى “يهودا شيجف – رئيس عرفاء وضابط تتبع للمفقودين: “عندما بدأت الحرب كنت فى إيلات ثم انتقلت إلى منطقة مضايق الجدى و متلا ووسط سيناء ، وبعد 24 ساعة من القتال اتضح لمتخذى القرار أن هناك خسائر فادحة ومعظم الضحايا من الضباط”.
ويقول عاموس ملخا “- مساعد إسرائيلى: “عندما خرجت من الخندق بعد ظهر يوم الأحد السابع من أكتوبر 1973م وجدت طابور من جثث القتلى فسارعت للدخول وورائى قائد الكتيبة – لفيدوت – وعندما كنت فى جبل جنيفة تم قتل ضابط الإنذار الذى كان يعمل معى وإصابة شولومو بنائى”.
أما المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم فأكد: “لا ترسلوا لى فرقة تركية.. ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية”.
ويشدد يعقوب عميدور- ضابط مخابرات: “مساء السبت السادس من أكتوبر وصلنا إلى القنطرة وواجهنا مساء السبت قوات من سلاح المشاة المصرى ، وبدأنا المعركة وتفرقت الكتيبة وأصبحنا أزواجاً وفرادى ، وتقلص عدد الدبابات بدرجة كبيرة حيث أن الكتيبة التى ذهبت للحرب ترافقها 44 دبابة ولم يبق منها إلا 14 دبابة ، وفى الثامن من أكتوبر وأثناء الهجوم المضاد الذى انتهى بالفشل أصبت بصاروخ اخترق برج الدبابة وإصبت بكثير من الشظايا فى ظهرى ونقلونى إلى المستشفى فى بئر سبع وبقيت ثلاثة أيام فى المستشفى ، وعدت مرة أخرى إلى المعركة فى منطقة القناة ، وجهزوا لى دبابة لصد الهجوم المصرى ، ولكن من سوء حظى اخترق صاروخ مصرى مخزن الذخيرة فى الدبابة وشاهدت كرة اللهب ولم أستطع الهروب حيث انفجرت الدانات مع 400 لتر من الوقود واحترقت الدبابة بالكامل وقتل طاقمها ، ونجحت فى القفز إلى الخارج والنار تمسك ملابسى وأطفأت نفسى فى الرمال بينما يطلق المصريون علينا نيران أسلحتهم الخفيفة ، وبقيت ملقى على الأرض لمدة 18 ساعة إلى أن أخذونى وأجريت لى 14 عملية جراحية .. إن حرب أكتوبر أكبر وأخطر حرب شاركت فيها ، والجندى المصرى بالفعل أقوى جنود الله”.
وقال شلومو بنائى: “قائد سرية مدرعات فى اللواء الذى كنا تحت قيادته قتل أكثر من 120 شخصا فضلا عن إصابة أكثر من 300 فقد تفوق الجيش المصرى فى الروح القتالية ، فقد رأيت جنود مصريين قفزت علينا من كل مكان فأصبت بالخوف الشديد وهرب الكثير من الجنود والقادة الإسرائيليين من أول أيام الحرب “.
وقال العميد نتكا نير – قائد كتيبة إسرائيلية: “انتقلت مع قواتى إلى منطقة المزرعة الصينية فوجدت الكثير من الجرحى ويجب إخلائهم ، كان المنظر فى غاية البشاعة وعندما تقدمنا وجدنا أنفسنا فى مواجهة مئات الجنود المصريين الذين دمروا جميع الدبابات فى إحدى الفصائل التابعة لى وأشعلت فيها النيران ، وأذكر أن ملازماً معى تلقى دانة وطار من الدبابة ، وتم إصابة جميع دبابات السرية ، كان الشعور الذى يساورنا مريراً للغاية حيث كنت فى عمق المنطقة ولا توجد إلا دبابتى ، ونفذت الذخيرة ونجحت فى التقهقر والهروب”.
ويقول موشيه عيفرى سوكفيك – قائد سرية إسرائيلية: “إن إسرائيل تخوض الآن حرباً لم تحارب مثلها من قبل ، وهى حرب صعبة ومعارك المدرعات فيها قاسية ، والمعارك الجوية مريرة وهى حرب ثقيلة بأيامها وثقيلة بدمائها
وقال”موشى ديان – وزير الدفاع الإسرائلي: “إن حرب الشرق الأوسط حطمت أسطورة أن الجيش الإسرائيلى لا يمكن مقاومته ، وأن الأرض التى احتلتها إسرائيل عام 1967م تشكل ضماناً لأمنها” .
أما جابى إشكينازى – أحد أفراد سرية إسرائيلية فيقول: “كان الخوف الكبير الذى يراودنى هو أن يحولونى إلى ضابط مدرعات بعد الحرب لأن المدرعات التى خسرناها كانت فادحة وفوق التصور.
ويتابع إزحيل باشوت – أحد جنود العمليات الخاصة: “امتاز الجندى المصرى بالقدرة الفائقة والأداء العالى الذى مكنه من اقتحام خط بارليف وعبور القناة فى وقت قياسى الأمر الذى أثار الرعب بداخلنا فقد انتابتنا حالة من الذهول بمجرد وصولنا أرض المعركة فقد فوجئنا بأن جميع معدات فرق الكتيبة الجنوبية قد دمرت”.
ويكشف دور ميدلتون – خبير أمريكى فى شئون الشرق الأوسط – فيقول: “أشارت جميع التقارير التى وصلت إلى المصادر الغربية أن الجيش المصرى قاتل بعناد وحماسة ، وكانت القيادة على مستوى كتائب المشاة ، والدبابات على مستوى مرتفع كما كانت القيادة العربية العامة تتسم بالفطنة والذكاء ، وكان أهم تطور تكنولوجى على المستوى المصرى والعربى هو الأسلحة الخفيفة التى استخدمت بفاعلية وكفاءة لحماية المواقع المتقدمة وحشود القوات ضد الهجمات الجوية والمدرعة المضادة الإسرائيلية ، لقد أكدت عملية العبور للقناة أن تلك القوات قد تطورت تكنولوجياً ، وأثبتت تلك العمليات الجريئة أن المصريين قادرون على تحقيق النجاح والتصرف بانضباط “.
ويعترف ريمون آرون – عالم الاجتماع الصهيونى الفرنسى: “لقد خرج العرب بعد أكتوبر وللمرة الأولى وهم صناع التاريخ ، وأصبح العالم العربى عاملاً مهماً فى تحقيق التوازن السياسى فى المنطقة ، وبذلك تم تصحيح ميزان القوى الذى كان قد اختل بوضوح قبل أكتوبر”.
وقال إلبر يجادير كينيت هانت – نائب مدير المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية: “إن حرب الشرق الأوسط قد غيرت بالفعل أفكاراً عديدة عن التوازن بين الطائرات المقاتلة والدفاع الجوى ، وبين الدبابات ووسائل المدفعية المضادة لها ، لقد واجهت السيطرة التى تمتع بها السلاح الجوى الإسرائيلى تحدياً خطيراً من جانب الصواريخ العربية ، كما أصبح تفوق الدبابات الإسرائيلية فى المعركة موضع شك كبير” .
ويعترف الجنرال أندريه بوفر – مدير المعهد الاستراتيجى الفرنسى – في محاضرة له بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بتاريخ 15/11/1973، فيقول: “أريد أن أبدى إعجابى الشديد بالعمل الذى أنجزته القوات المسلحة المصرية مشفوعة بإعجابى بذلك التقدم الذى أظهرته هذه القوات فى الميدان ، فقد حاربت على أعلى مستوى عرفه العصر” .
ويكتب يعقوب إيفين -كاتب إسرائيلى- قائلاً: “لقد عشنا ست سنوات من عام 1967م حتى عام 1973 فى جنة الحمقى أو جنة الأغبياء ، والآن تقدمنا فى العمر وما تزال لدينا آلام من يوم الغفران ، وتثار مخاوفنا بسرعة .. ماذا عن المستقبل؟ إننا نصلى من أجل مزيد من الشجاعة وكثير من الحكمة”
ويخطب الرئيس ” محمد أنور السادات – صاحب قرار العبور، فيقول: “لقد كان الليل طويلاً وثقيلاً ، ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر، إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى ، ويستطيع هذا الوطن أن يطمئن أنه أصبح له درع وسيف، كما إن الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وباسم هذا الشعب ، وباسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة، إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر 1973 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب ، واجتياح خط بارليف المنيع ، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات ، وسوف نسلم أعلامنا مرتفعة هامتها ، عزيزة صواريها.
أما عن جرائم العدو الاسرائيل وأخلاقيات جنوده ضد أسرانا العزل، فتحتاج إلى فتح هذا الملف الخطير بالأدلة والمستندات التي كشفوا عنها مؤخرا، وذلك لكشف تلك الجرائم أمام كافة المحافل والجمعيات والمؤسسات وبقية الكيانات الدولية المعنية بجرائم الحرب وحقوق الانسان.