أخبارمنوعات

” اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” ؛ هل تحسم المُسيرات الحرب في أوكرانيا؟!!

في يوم 29 أغسطس، 2023 | بتوقيت 7:20 صباحًا

فجأة أصبحت أخبار قتال المسيرات على الجبهة الروسية الأوكرانية مسار الأحداث يوميا على كل المواقع الإخبارية

وأصبح هناك من يسأل هل نحن انتقلنا إلى مرحلة حرب المسيرات وهل معنى ذلك أن المسيرات هي التي سوف تحسم نتائج الحرب بين روسيا واوكرانيا لأي طرف من الأطراف

في البداية نتعرف على المسيرات وهي الدرونز، وهي طائرة صغيرة الحجم يتم توجيهها من على الأرض، لذلك لا تحتاج إلى مطارات وممرات الإقلاع.

حيث يمكن إطلاقها من على مركبة أو أرض فضاء، أو حتى سطح منزل، ولا تحتاج إلى طيار يتم تدريبه سنوات،

بل أن موجه هذه الطائرة من الأرض يتم تدريبه من ثلاث إلى أربع شهور، لذلك فهي أقل تكلفة تصل إلى عدة آلاف من الدولارات وقد تزيد لتصل الى واحد او اثنين مليون دولار للمسيرة المتطورة عكس الطائرة، F16 التي وصل ثمنها الآن 100 مليون دولار.

وتؤدي الطائرة المسيرة غالبا معظم مهام الطائرة المقاتلة في الحصول على المعلومات عن العدو وتقوم بمهام انتحارية.

وتقوم بتدمير الأسلحة والمعدات للقوات المعادية كما ان صغر حجمها تعطيها القدرة لعدم اكتشافها عن طريق الرادارات العادية.

ومن ذلك كله اصبح استخدامها عنصرا هاما في أي معركة بدلا من الطائرات القتالية العادية

ولقد اكتشفت بعض هذه الدول مبكرا أهمية دور هذه الطائرات لذلك عملت على تطويرها حتى جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتظهر أهميتها ومنهم أمريكا والصين وإيران وتركيا وبعض الدول الأوروبية.

ويبدو أن روسيا لم تهتم كثيرا بتطوير بهذا النوع في الفترة الماضية،

حيث ركزت روسيا خلال العشر سنوات الماضية على تطوير أنظمة الصواريخ الباليستية. ونجحت نجاحا باهرا في ذلك،

حتى أنه خلال الافتتاحية الأولى للحرب مع أوكرانيا، قامت بتنفيذ ضربة صاروخية بدلا من الضربة الجوية، وحققت نتائج هامة.

وأعتقد أن العالم كله سوف يغير أسلوب قتاله مستقبلا في المرحلة الأولى من الحرب باستخدام الضربة الصاروخية بدلا من الضربة الجوية ذات التكلفة العالية اعتمادا على الخبرة الروسية في تلك الحرب.

ومع تطور أعمال القتال في الحرب الروسية الأوكرانية، اكتشفت روسيا أهمية هذه الطائرات المسيرة، فاستعانت بالطائرات المسيرة الإيرانية شاهد،

لكنها بدأت الآن في تطوير تصنيع، هذا النوع من الطائرات، وأعتقد أنه في نهاية هذا العام سوف يشهد العالم أنواع متطورة جديدة من الطائرات المسيرة الروسية،

ونعود للأحداث الجارية على أرض الواقع في الحرب الروسية الأوكرانية، عندما بدأت الحرب في 24فبراير 2022، .

نحت روسيا بعد ثمانية شهور في الاستيلاء على 20% من الأراضي الأوكرانية في قطاعات لوهانسيك دونيتسك زابورجيا وخيرسون الأربعة، وجاء الشتاء الماضي.

وبدأت روسيا في تنظيم الدفاعات في تلك المناطق التي استولت عليها لمنع أي هجوم أوكراني.

وعلى الجانب الآخر بدأت أوكرانيا في تلقي الأسلحة والدعم من أمريكا والدول الغربية مثل الطائرات F16 وأنظمة الدفاع الجوي الباتريوت والمدفعية هيمارس،

ومن ألمانيا الدبابات ليوبارد ومن إنجلترا الدبابات تشالنجر. ومن فرنسا الدبابات AMX، وأسلحة متعددة أخرى، وبدأت أوكرانيا في الاستعداد خلال فصل الشتاء. التي أطلقت عليه الهجوم المضاد في الربيع،

وانتظر الجميع. حيث جاء الربيع، ولكن بدأت أوكرانيا في الهجوم على الدفاعات الروسية. مع دخول الصيف. ولم ينجح الهجوم المضاد الأوكراني لعدة أسباب،

أولا أن روسيا لها سيادة جوية على مسرح العمليات، وهذا الأمر يعنى انه من الصعب قيام أوكرانيا بأي هجوم مضاد.

النقطة الثانية أن روسيا أعدت في الشتاء تنظيم دفاعاتها طبقا للعقيدة الروسية على أعلى مستوى من الخطوط الدفاعية المتتالية. والمواقع التحويلية والموانع المختلفة. ليصعب على أوكرانيا باختراق هذه الدفاعات الا بقوات متنوعة وبسيطرة جوية.

أما النقطة الثالثة أن أفراد الجيش الأوكراني لم تستوعب التدريب على الأسلحة الجديدة التي حصلت عليها من حلف الناتو وأمريكا. وكان عليهم الانتظار حتى يتم استيعاب وتدريب كل الأفراد.

أما النقطة الرابعة أنه كان على أوكرانيا الانتظار لوصول الطيارات F16 من أمريكا، وتدريب الطيارين الأوكرانيين عليها بدلا من الهجوم قبل وصول هذه الطائرات.

لذلك لم ينجح الهجوم المضاد الأوكراني. ولم تستطع أوكرانيا استعادة الأرض التي فقدتها، واستولت عليها روسيا،

ومن هنا بدأت أوكرانيا التفكير في استخدام الطائرات المسيرة جديا، حيث بدأت بمهاجمة موسكو العاصمة الروسية،

وكانت مفاجأة للجميع، وصول الطائرات الأوكرانية، ومهاجمة مبنى الكرملين ثم بدأت بمهاجمة شبه جزيرة القرم، والجسر الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا، أطول كوبري في أوروبا،

وبالتالي نجحت أوكرانيا في رفع الروح المعنوية لقواتها ولشعبها. إنها تهاجم روسيا. وفي قلب العاصمة.

كذلك أعطت الانطباع للولايات المتحدة ودول حلف الناتو أنها تحقق أهداف على أرض المعركة، وجاء الرد الروسي قويا وعنيفا بتدمير أهداف عسكرية أوكرانية في كييف العاصمة، وكذلك ميناء اوديسا أكبر مواني أوكرانيا لتصدير القمح، ليحرم أوكرانيا من تصدير أهم سلعة تصدرها للخارج،

ويبقى في النهاية الإجابة على السؤال هل حسمت الطائرات المسيرة اعمال القتال على الأرض لصالح أوكرانيا او روسيإ!!

والإجابة ببساطة لا، لقد حققت فقط رفع الروح المعنوية للشعب وللجيش الأوكراني، ولكنها لم تحقق لأوكرانيا استعادة الأرض التي احتلتها روسيا، وهي من أهم أهداف أوكرانيا في هذه الحرب، وعلى الجانب الآخر. سوف تطيل حرب المسيرات مدة القتال.

للذك بدأت تظهر أنه لا بوادر للوصول إلى حل سلمي لهذه الحرب إلا بعد نهاية هذا العام، ودخول عام 2024، هنا ممكن أن تتغير الأحداث،

خاصة أن الولايات المتحدة. تدخل عام الانتخابات الحاسمة. خلال هذه الفترة العام القادم، كذلك فان دول حلف الناتو ستبدأ دخول مرحلة الملل والشكوى من طول هذه الحرب والأعباء الاقتصادية التي تمر بها،

الأمر الذي دعا وزير الدفاع البريطاني بن ولاس في اجتماع حلف الناتو الأخير حين كان يخاطب الرئيس الأوكراني ويقول له نحن لسنا في محل الأمازون تطلب كل ما تريد من الأسلحة والمعدات وتحصلها على الفور وهكذا تمضي الأيام والجميع ينتظر الوصول إلى نهاية هذه الحرب التي أرهقت الجميع.

وتظل حرب المسيرات الدائرة حاليا هي عمليات لرفع الروح المعنوية للشعب و الجيش الاوكراني ولكنها لن تحقق أي نجاح او تقدم في سير اعمال القتال لصالح اوكرانيا

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم.