عندما تضيق بي الدنيا، أو كما نقولها بالعامية “تسود الدنيا في عيوني”، ولما يفيض عليّ الله من كرمه وفضله؛ ففي الحالتين لا ملاذ لي إلا إليه، سبحانه رب العباد،
أشكره وأحمده في السراء والضراء، طالباً منه الفرج، والعون، ورافعاً يدي شكراً وحمداً على نعمه، متخذاً من جامع السيدة نفيسة، منصة للتعبير عما يجول في نفسي، لما لهذا المكان الروحاني، من مكانة خاصة لدى جميع المصريين، مثله وباقي مساجد آل البيت، سيدنا الحسين والسيدة زينب.
وأذكر يوم أن حلف المشير طنطاوي، رحمه الله، اليمين بتعينه وزيراً للدفاع، أن رأيته واقفاً في جانب المسجد، ينتظر خروج زوجته، ولم أتحدث معه يومها.
ولكن بعدها بسنوات، عندما توطدت العلاقة بيننا، سألته عما كان يفعل يومها، فأجابني بأنه توجه لمنزله، بعد حلف اليمين أمام السيد الرئيس، واستبدل زيه العسكري بملابس مدنية بسيطة، واصطحب معه زوجته إلى مسجد السيدة نفيسة، فصلى ركعتي شكر لرب العالمين، وركعتين أخريين طالباً من الله سبحانه وتعالى التوفيق في مهمته الجديدة.
ولم أتعجب مما سمعت، فما فعله المشير طنطاوي، هو شأن الكثير من المصريين، وأنا منهم، فلطالما لجأت إلى جامع السيدة نفيسة، لأرجو من العلي القدير قضاء مطالبي، ولم يخذلني الله، يوماً، فقد كانت استجابته، دوماً، أكرم من حاجتي، فلما طلبت التوفيق في دراستي الحربية، تخرجت في كلية أركان حرب، وأنا برتبة رائد، بتقدير امتياز، وبالمركز الأول على دفعة قوامها مائة وخمسون ضابط، بينهم العقيد، حينئذ، عمر سليمان، رحمة الله عليه، الذي أصبح مديراً للمخابرات العامة، فيما بعد.
ورغم عدم قدرتي على حصر سبباً، أو أسباباً محددة، لذلك الارتباط العاطفي بين الكثير من المصريين، وبين مسجد السيدة نفيسة، إلا أنني متفهم، تماماً، لتلك المشاعر، والسكينة التي نشعر بها هناك، والتي دفعت الكثير من المصريون للتوصية بأن تقام صلاة الجنازة عليهم بمسجد السيدة نفيسة، بنت الحسن الأنور، ابن زيد الأبلج، ابن الحسن، ابن سيدنا علي، والسيدة فاطمة، سليلة بيت النبوة، المولودة في عام 514 هجرية بالمدينة المنورة، والتي جاءت إلى مصر مع زوجها وأبيها، وعمرها 48 عاماً، وتوفيت بها، ودفنت في هذا المسجد، الذي أصبح مكاناً روحانياً لكل المصريين.
وأمام تلك المكانة الخاصة، والمنزلة الرفيعة، في قلوب المصريين جميعاً، فقد سعدت كثيراً، بما نال مساجد آل البيت، مؤخراً، من تطوير.