مع تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير من العام الماضي، أظهر الشارع المصري تعاطفاً مع روسيا، ورئيسها فلاديمير بوتين، وهو ما يرجع، في الأغلب، لمتانة العلاقات التاريخية، بين البلدين، التي بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
وتحديداً في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما دعم الاتحاد السوفيتي مطالب مصر لبناء السد العالي، وإنشاء مصانع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الألمونيوم في نجع حمادي. أما في أعقاب هزيمة 1967، التي تسببت في خسارة القوات المسلحة المصرية لمعظم عتادها العسكري في سيناء.
قام الاتحاد السوفيتي بإعادة تسليح الجيش المصري بمستلزماته من الأسلحة، والمعدات العسكرية، ولما حان وقت التحضير لهجوم مصر على خط بارليف، واقتحام قناة السويس، وصلنا الإمداد الروسي في صورة كباري العبور، والمعدات البرمائية.
ورغم انهيار الاتحاد السوفيتي، عام 1991، كانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات استراتيجية مع روسيا الاتحادية، وتوجتها بالزيارات الرئاسية المتبادلة، بداية من زيارة الرئيس مبارك إلى روسيا في عامي 2001، و2006، ثم زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا في 2014، و2015، و2018، التي دعاه الرئيس بوتين، في إحداها، لزيارة مركز التحكم العسكري الروسي، التابع لوزارة الدفاع الروسية، وهو ما لاقى اهتمام على المستوى العالمي،
حيث كان الرئيس السيسي أول أجنبي يزور ذلك المركز. بالإضافة إلى زيارة الرئيس بوتين لمصر في 2017، فضلاً عن عدد من اللقاءات الثنائية، بين الزعيمين، على هامش الفاعليات الدولية، التي كانت سبباً في توحيد الرؤى، خاصة في مجال التصدي للإرهاب.
وبعد ثورة يونيو 2013، أزدهر التعاون العسكري، مع روسيا، في مجالات تحديث منظومات الدفاع الجوي، قصير المدى ومتوسط المدى وبعيد المدى، بما رفع من كفاءة قوات الدفاع الجوي المصرية. كما قامت القوات البحرية الروسية بإهداء مصر طراد من طراز مولينا، بالإضافة إلى صفقة طائرات “ميج 29” وطائرات “كا 52” المروحية،
يضاف لذلك إسهامات روسيا في تطوير المصانع الحربية، المنشأة منذ عهد الرئيس عبد الناصر، لترقى لمستوى المصانع الذكية العالمية، إيماناً من الرئيس بوتين بضرورة دعم مصر في كافة تحدياتها الإقليمية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تطورت العلاقات بقيام روسيا بإنشاء أول منطقة صناعية، خارج أراضيها، داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتعاون في إقامة أول محطة للطاقة النووية في الضبعة. فضلاً عن الشراكة التجارية التي تنعكس في زيادة حجم الصادرات المصرية إلى روسيا، خاصة من المحاصيل الزراعية، كالبرتقال والبطاطس.
فلا عجب أن يتعاطف المصريون مع روسيا، ورئيسها، باعتبارهم حلفاء وشركاء تاريخيين لمصر.