ولدت في يوم الأربعاء الخامس عشر من سبتمبر عام 1954 عن والدين ممثلين لإقليمي مصر الرئيسيين البحري (والدي شرقاوي) و القبلي(والدتي من أسيوط). وهكذا مزجت شخصيتي بجينات متنوعة جمعت بين جين الكرم والطيبة المعروفة عن الشراقوة(قالوا عنهم أنهم عزموا القطر) و جين الجرأة و الصلابة والجلد والمثابرة عن أهل أسيوط الصعايده.
كان المرحوم والدي من الطبقة المتوسطة التي ينتمي اليها حوالي 70% من شعب مصر الطيب وكان يمتلك محلا في منطقة بولاق أبو العلا بجوار مبني التليفزيون العربي و كنا نسكن في نفس الحي العريق الشهير الذي عرف عنه أنه واحد من أحياء الرجال الشعبية في القاهرة القديمة مثل حي السيدة زينب و حي القلعة وغيرهم .
كان أمين صندوق الجمعية الشرعية للسنة المحمدية في حي بولاق و أتذكر أنه كان يشرف علي جامع الشيخ سلمان وهو من أولياء الله الصالحين بالمنطقة و أتذكر الآن بدايات حبي للعمل الاجتماعي بالجامعة وكلية الزراعة حينما كنا نفتح صندوق التبرعات لهذا المسجد في اليوم السابع و العشرين من شهر رمضان المعظم من كل عام وكنا نحصي نقود التبرعات و نصنفها إلي العملات المصرية الصغيرة وقتئذ من فئة المليم الواحد و النكله (2 مليم) و التعريفة (نصف القرش) و القرش الكامل و القرشين ثم العملات الكبيرة من فئة خمسة قروش و العشر قروش و الربع جنية و النصف جنية و نادرا جدا ما نجد عملة الجنية الكامل.
كانت مهمتي تجميع الملاليم و النكلة وعد ما يساوي عشرة قروش وحزمها في قرطاس من الورق ..وكان أخواي الأكبر مني سنا و مقاما أحمد وعبد الوهاب مسئولين عن تجميع قرطاس أكبر في القيمة المالية وهكذا يتم حصر كل أموال الزكاة وتبرعات أهل الحي ليبدأ أعضاء الجمعية في توزيعها طبقا للكشوف المعدة لذلك للسيدات الأرامل و الأيتام وأسر المحتاجين ليلة عيد الفطر المبارك . لقد كان عرس اجتماعي تعلمنا منه في المهد مساعدة الآخرين والفرحة الغامرة في القلوب لسد حاجة المحتاجين و أبناء السبيل.
من التواريخ التي لا يمكن أن أنساها يوم السبت 15 سبتمبر 1960 حينما بلغت سن الدخول للمدرسة و ارتديت المريلة البيج من قماش تيل نادية الشهير وكانت المدرسة قريبة جدا من منزلنا وهي ملك للجمعية الشرعية وكان اسمها مدرسة الإصلاح الإسلامية، ذهبت للمدرسة وحدي حاملا حقيبة دراسية كبيرة مملوءة بالكتب و الكراسات ينوء جسمي الضعيف من حملها و دخلت الفصل وجلست في الصف الأول و دخل علينا أول معلم في حياتي الدراسية و كان اسمه الشيخ إسماعيل وكان يرتدي الجبه والقفطان المميزة لخريجي جامع الأزهر الشريف وبدء ينادي علي أسماء التلاميذ الجدد، وحينما أنتهي من ذلك سألنا وقال هل هناك من لم يستمع لاسمه في قائمة أسماء التلاميذ الجدد فرفعت يدي ،سألني عن اسمي فقلت له أنا أسامة عباس رجب ، .نظر إلي قائمة الأسماء وضحك بصوت عالي وقال الست أنت أبن الحاج عباس رجب أمين صندوق الجمعية الشرعية ، فقلت له بلي ،قال لي أنت اسمك في القائمة عوض عباس رجب وليس أسامة عباس رجب، ضحكت من أعماق قلبي ولم أصدقة فأنا منذ ولادتي و اسمي أسامة، أما اسم عوض هذا لم أسمع عنة من قبل إلا في الأفلام العتيقة ،ضحك الشيخ إسماعيل.، وقال لي أنا متأكد تماما من أن أسمك الحقيقي هو عوض …و أعتقد أن أسم أسامة هو أسم من أسماء الدلع التي كانت شائعة وقتها .
ضرب جرس المدرسة ليعلن انتهاء اليوم الدراسي الأول في حياتي مع فقدي لاسمي الذي نوديت بة 6 سنوات كاملة ، حملت هموم أسمي الجديد العتيق بجانب حملي لهموم الحقيبة المدرسية الثقيلة ، رجعت المنزل في خطوات سريعة لأتعرف من المرحومة والدتي عن حقيقة أسمي هل هو عوض أم أسامة؟!!.
كانت الساعة تدق الثانية ظهرا حينما وصلت للمنزل و وجدت المرحومة والدتي تنتظرني هي و أخوتي في نافذة المنزل و كانوا يضحكون لمعرفتهم السابقة بالمفاجأة الغريبة حول أسمي الحقيقي، صعدت السلالم بسرعة ،وقابلتني أمي ،وقالت لي تعالي أنظر للصورة الكبيرة في حجرة الصالون وكانت لرجل عظيم الهيئة والهيبة ويرتدي ملابس أهل الصعيد المحترمين ،كنت أعرف أنها صورة جدي والد أمي الحبيبة ولكني لم أفكر أبدا في معرفة أسمه ، قالت لي امي أتعرف ما أسم جدك ؟ ..فقلت لا يا أمي الحبيبة ، ضحكت بابتسامة ذات مغزى وقالت بكل حب و مودة ، أسمة الحاج عوض حسين، عندئذ أيقنت أن معلمي بالمدرسة الشيخ إسماعيل علي حق ، نظرت لوالدتي بحزن و اكتئاب وقلت لها لماذا أنا …لماذا لم تختاري أسم والدك لأي من أخواي الكبار أحمد و عبد الوهاب…قالت لي :يا ابني أن أسم كل أنسأن سوف يعبر عنة في يوم من الأيام وهو اختيار أراد منه الله أن يفرحني و يسعدني لفرط حبي لجدك والدي الحبيبى عوض حسين …فهل تريد أن تنزع فرحة قلبي بك يا ولدي الحبيب المفضل و أنت آخر العنقود الذي له الحب الأكبر في قلبي..استسلمت للأمر و رضيت باسمي حتى لا أتسبب في حزن أمي الحبيبة .
ومن يومها أصبح أسمى عوض مش أسامة