يعتبر التطور أحد ثوابت، وسمات العصر الحديث، في كافة مجالات الحياة، وإذا ما تحدثنا عن المجال العسكري، فقد حظي بأكبر قدر من التطور، والدليل على ذلك ما نراه اليوم في الحروب الحديثة، الذي استلزم تطوير الأسلحة والمعدات. ومما ناله التطوير في ذلك المجال،
كان الكليات العسكرية، مصانع الرجال، بما تؤديه من دور مشرف في إعداد الشباب لخدمة أوطانهم، وتأهيلهم لتولي مراكز قيادية في جيوش بلادهم،
وهو ما يعد الدافع وراء الاهتمام الذي توليه جيوش الدول، للكليات العسكرية بها، لتخريج ضباط قادرون على التعامل مع الأسلحة والمعدات المتطورة.
فعلى سبيل التبسيط، أتذكر دراستي بالكلية الحربية، أثناء التدريبات في ميادين الرماية، بوسط الصحراء، أننا كنا نجري لمسافة 500 م، بعد تنفيذ الرماية، لقياس المسافات ومعرفة النتيجة، أما اليوم، يطلق الرامي طلقاته، التي يتم متابعتها إلكترونياً، بواسطة الحاسبات الآلية، لتحديد أماكن وقوع الطلقات، وبالتالي احتساب نتيجة الرماية، بل وتوضيح الأخطاء التي ارتكبها الرامي، للعمل على تصحيحها في الرماية التالية.
ولمواكبة مثل تلك التطورات، قامت قواتنا المسلحة بتطوير كلياتها العسكرية، وأنشأت الأكاديمية العسكرية، الجديدة، المكونة من أربعة كليات؛ الحربية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، تحت إدارة واحدة في العاصمة الإدارية الجديدة، مع الإبقاء على مقر الكلية البحرية في أبو قير، على البحر المتوسط، ومقر الكلية الجوية في بلبيس، حيث يوجد المطار المجهز لتدريبات طلبة الكلية.
كما تم تطوير مناهج تلك الكليات العسكرية، بالتعاون مع نظرائها في إنجلترا، وفرنسا، والولايات المتحدة، مع إنشاء معامل حديثة للغات، والحاسبات الآلية، وعلوم الفضاء، والأقمار الصناعية، والليزر وغيرها من المعامل المتخصصة.
يضاف إلى ذلك معامل شبكة الاتصالات التي تعمل بالأقمار الصناعية، ومعامل قياس الثبات الانفعالي للطالب، ومعامل فنون القتال، بل وحتى المباريات الحربية التكتيكية للطلبة، وميادين اللياقة البدنية، فكلها تعمل وتدار بأحدث الأنظمة الإلكترونية،
وهو ما أهل الكلية الحربية، في العام الماضي، للحصول على أعلى شهادات الجودة العالمية. وأصبحت كلياتنا العسكرية قادرة على تخريج ضباط متميزين، ومسلحين بأرقى درجات العلوم العسكرية، وعلوم التكنولوجيا الحديثة، واللغات بما يؤهلهم لاستخدام أحدث أنواع الدبابات والطائرات والصواريخ والمدفعية، بكفاءة واحترافية.
وفي الأسبوع الماضي، تفقد السيد رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، منشآت الأكاديمية العسكرية، الجديدة، واستمع سيادته لعرض السيد الفريق أشرف سالم زاهر، مدير الأكاديمية، عن مراحل الإنشاءات والاستعدادات الجارية لجعلها أكبر صرح تعليمي عسكري، في الشرق الأوسط، شعارها “الواجب … الشرف … الوطن”.