نحتاج دائماً منتجات سياحية جديدة نقدمها للسائح لزيادة الحركة السياحية والدخل السياحى وإثراء تجربة السائح فى زيارته للمقصد السياحى المصرى، وأيضاً لتنمية وزيادة حركة السياحة الداخلية، ومن هنا نَعرضّ لمفهوم قد يغفل البعض عنه ألا وهو السياحة الريفية والتى يطلق عليها أيضاً السياحة الزراعية أو السياحة الخضراء، ويتوافق نمط السياحة الزراعية مع تطبيقات الإقتصاد الأخضر والتنمية الخضراء.
لقد نشأ مفهوم السياحة الزراعية من أكثر من مائة عام، وانتشر فى العديد من الدول بقارة أوربا ” إنجلترا،وفرنسا،والنمسا،والسويد،واليونان ” وحتى فى قارة أسيا حيث تمتلك دولة الصين العديد من التجارب الناجحة فى تطبيقات السياحة الريفية ، كما تقدم نمط السياحة الريفية العديد من الدول العربية منها الأردن والسعودية ومصر.
ماهى السياحة الريفية او السياحة الزراعية؟
هى منتج نشأ من إرتباط وثيق بين السياحة والزراعة ، و تعتمدعلى الإستمتاع بجمال وهدوء الريف والإسترخاء ، بالإضافة لممارسة العديد من الأنشطة المصاحبة التى تتوفر فى المزارع والحقول.
مفهوم السياحة الزراعية ” الريفية“
هى الرحلات التى يقصد فيها السائح مزرعة خاصة أو مشروع زراعياً للإستمتاع بعدد من الأنشطة التى يتم تنظيمها أوتنفيذها على أرض المزرعة والسائح فى هذا النمط يشاهد ويشارك فى زراعة المحاصيل ونموها وحصادها ويقوم بشراء المنتجات مباشرة من المزرعة.
وفى هذا النمط يقوم السائح بالتعرف على الخصائص البيئية للمنطقة الريفية وأيضاً التعرف على عادات وتقاليد أهل الريف و الإستمتاع بالطعام الريفى المُعد من منتجات المزرعة -بالإضافة للإستمتاع بالمشاركة فى فعاليات وإحتفالات تمثل التراث الشعبى لاهل الريف ،و يقوم أيضاً بممارسة بعض الإنشطة الترفيهية الآخرى مثل ركوب الخيل والتجول عبر الحقول وركوب الدراجات.
السياحة الريفية فى مصر
تمتلك مصر العديد من المقومات السياحة الريفية أو السياحة الخضراء، تقدم فى العديد من المناطق حيث تمثل عناصر للجذب السياحي، فتقدم للسائح الإسترخاء والإستجمام والترويح ،على مدار العام في مناخ صحي وهادىء بعيد عن التلوث البيئي للمدن ،حيث تقدم البيئة الريفية المتمثلة في الأبنية الطينية والأراضي الزراعية والبرك والبحيرات والآبار والحيوانات والطيور، كما تتيج التعرف على العادات والتقاليد والاستمتاع بالوجبات والاطعمة الريفية.
وقد أظهرت الدراسات أهمية السياحة الريفية لمصر لمواجهة الفقر والبطالة لدى سكان الريف والقرى،وأكدت الدراسات على أهمية السياحة الزراعية للإستمرار في مزاولة النشاط الزراعي، والحفاظ على الهوية الريفية، والحد من هجرة أهل الريف للمدن ،كما أفادت الدراسات أيضاً على أهمية التأكيد على ضرورة إدخال نمط السياحة الريفية في برامج الرحلات الشاملة التي يتم تنظيمها للسائح الأجنبى.
ونظراً لأهمية السياحة الريفية نؤكد على ضرورة التسويق لنمط السياحة الزراعية من خلال تطبيق آليات التكنولوجيا الحديثة،والتى يمكن أن يكون لها دور فعال لتنشيط السياحة الزراعية فى مصر.
كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على هوية الريف المصرى بكل مكوناته البيئية والثقافية ونشر الوعى لأصحاب القرار، وقطاع الأعمال السياحى ، وأهل المجتمع الريفى بأهمية نمط السياحة الريفية.
ومن أبرز أماكن السياحة الريفية في مصر والتى تصلح للسياحة سواء دولية اوداخلية او لسياحة “زيارة اليوم الواحد”.
الفيوم : حيث تلتقي فيها البيئات الساحلية والزراعية والصحراوية ،ومن معالم الفيوم الشهيرة السواقي، عين السيلين «بحيرة قارون»، وشلالات «وادي الريان» وكذلك مراقبة الطيور المهاجرة.
قرية تونس : والتى على بعد نحو 60 كيلومترًا عن مدينة الفيوم وتتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، وتشتهر بصناعة وبيع الخزف والفخار.
القناطر الخيرية : وتشتهر بالعيون والبوابات ،وتمثل القناطر الخيرية نموذجاً مثالياً للسياحة الريفية حيث الحدائق الشاسعة ،والتمتع بالبنزهة النيلية، والمشاتل،والمزارع،والنباتات والزهور النادرة.
دهشور: وهى تمثل تجربة فريدة حيث تتاخم القرى الريفية الصحراء الواقعة إلى جانب المنطقة الأثرية بالاضافة ان منظمة اليونسكو صنفتها محمية تراث عالمية.
برج المنوفية : وهو يمثل نموذج مصغر للقرية الريفية ويتميز بتقديم الأطعمة الريفية الشهيرة وأهمها الفطير المشلتت.
محافظة الشرقية:والتى يطلق علىها بلد المليون نخلة و تتميز بزراعة ورق البردي الشهير وتصنيعه حيث تمثل زيارة زراعته وتصنيعه تجربة فريدة للسائح الأجنبى.
البحيرة : بها أكثر من عنصر للسياحة الريفية، وفي مقدمتها مشاهدة مواسم الحصاد الفواكة والخضراوات وبها قناطر إدفينا وبها مشتل لإنتاج الزهور والنباتات النادرة
بالإضافة لمدينة رشيد ،وما تشتهر به بطواحين الغلال،وطاحونة الهواء الاثرية ،وجزيرة النباتات بموقعها المتميز وما تحتويه من نباتات نادرة بالإضافة لكونها من أقدم الحدائق حيث تجاوز عمرها أكثر من مائة عام .
كفر الشيخ : تتمتع بوجود عدد من المناطق الريفية والأنشطة الزراعية، وتتميز بعادات وتقاليد الريف والفلكلور الشعبي ،وبها مدينة “فوة” أشهر المدن المصرية المعروفة بصناعة «الكليم» والسجاد اليدوي وتصديرة وهى ايضا تعد تجربة فريدة للسائح الأجنبى خاصة وإنها تجاورها مدينة سخا وهى خاسوت الفرعونية وإكسويز اليونانية الرومانية وكانت سخا عاصمة الإقليم السادس من أقاليم الوجه البحرى وقد كانت مقراُ وعاصمة للأسرة الرابعة عشرة الفرعونية ، إلى جانب وجود كنيسة العذراء في نفس المنطقة التي أقامت فيها العائلة المقدسة، وكان بجوار الكنيسة مغطس على النظام الرومانى، وانشئ بعد ذلك دير يسمى دير المغطس وظل عامرا بالرهبان لنهاية القرن الثاني عشر ،وقد تم بناؤها في القرن الثالث الميلادي في ذات المكان الذى أقامت فيه العائلة المقدسة، وتهدم معظمها في القرن السادس عشر الميلادى إلى أن أمر “محمد على باشا”، بإعادة بنائها مرة أخرى مع الحفاظ على الأجزاء الأثرية المتبقية منها، وفى عام 1968 أعيد بناء صحن الكنيسة.
ومع كل ما تحتويه مصر من مقومات لتنمية وترويج نمط السياحة الريفية للسائح المصرى أو للسائح الأجنبى، فهناك الكثير من الأمور التى يجب إعدادها وتوفيرها للإستفادة منها كعنصر تنمية للمناطق الريفية ،والقضاء على الفقر والبطالة ،والحد من الهجرة للمدن وتحقيق رواج إقتصادى من تسويقها لتنشيط السياحة الدولية وزيادة الدخل القومى.
وهذا الأمر يتطلب تشريعات لتنظيمها – وجهات رقابية لضمان الأمن ،والسلامة ،ومستوى جودة الخدمة،والعمل على إضافة الأنشطة ،والمهرجانات ،والإحتفالات ،التى تنوع من المنتج وتثري من وجودة منتج السياحة الريفية ،وزيادة الوعى المجتمعى ،ولأصحاب القرار، وقطاع الأعمال السياحى ،وتحفيز المستثمرين لتنمية وتطوير المناطق وإعدادها ،وتوفير الخدمات الملائمة بها ،وتوفير أساليب عرض وبيع للمنتجات التى تتوافر بقرى السياحة الزراعية ،وتحسين الطرق والبنية الأساسية والخدمات الملائمة من إستراحات ومحطات تزويد الوقود بالإضافة لأمور أخرى قد يتم تناولها من خلال عرض تجربة ناجحة فى مجال تنمية السياحة الريفية.