قال أحد الفلاسفة قديما بعد سن الستين يأخذ الشخص الوجه الذي يستحقه نعم الإنسان بعد الستين يأخذ الوجه الذي يستحقه لا الوجه الذي خلقه به ربه وفرضته عليه معطيات بيئته أنه وجه الروح لا وجه الجسد نعم نفس الملامح نفس العين نفس الاذن نفس الأنف باستثناء بعض التجاعيد ولكن وراء الملامح حب او كره قبول أو نفور رغبة أو رهبة
أن الأرواح كما قيل جنود مجندة ماتعارف منها اءتلف وما تنافر منها اختلف أنه عمل الإنسان يبدأ في الظهور بعد سن الأربعين وحتي الستين علي وجهه فإما أن يضيء ملامحه وإما أن يطفييها
من اجل ذلك هناك من تحب أن تنظر إلي وجهه فتطيل فيه النظر هناك شيء ما يشدك إليه أنه عمله الصالح طوال سنوات عمره الماضيه أنه مساعدته للناس أنه حبه للخير أنه كرهه للشر تضفي علي الوجه ابتسامة وراحة مهما كانت الملامح خشنة وغير جميلة فأعطاه جمال العمل وجمال العمر وجمال حب الخير بريقا وجمالا خفي أما من كان عمله سيء وسعيه بين الناس بالخراب والشر وارتكابه لكل معصية في العلاقات الإنسانية فإن عمله السيء يفيض علي وجهه فما أن يقع عليه نظرك حتي تنفر وتقبض وتحب أن تشيح بنظرك بعيدا عنه أنه عمله اطفا نور وجهه مهما كان وجهه صافيا وكساه جمودا واظلام واعتام مهما كان مشرقا
نعم إن الوجوه تختلف عن الطباع لذا لاينظر الله الي الوجوه مهما كانت حسنة مشرقة أو ضعيفة شاحبة ولكن ينظر إلي القلوب
وصدق امير الشعراء احمد شوقي حين قال
ولو صور الناس حسب الطباع. لاتوك وحوش الصور
فرب وجه كصافي النمير تشابه صاحبه والنمر
نعم إن جمال الوجه واشراقه لاينم عن قلوب جيدة وطباع نبيلة ولكنه الوجه الذي خلق الله به الشخص أوتوارثها عن آبائه اما الطباع فتختفي خلف هذه الوجوه أو هذه الأقنعة وكم من جميل الوجه مشرقه يخفي طباع ذئب أو افعي أو حمار وكم من ضعيف الوجه شاحبه يخفي طباع اسد أو حمامة سلام أو نسر يحلق في السماء
لكن عدل الله قضي بأن يوضع ويطفو عمل الإنسان علي وجهه لايستطيع قراءته الا صافي الذهن رقيق القلب
ما حاجتنا الان الي أن نعيد قراءة الوجوه في ضوء الأعمال نعيد قراءة وجه الروح لا الجسد نعيد ازكاء روح الخير ونبذ الشر روح المعاملة الحسنة ونبذ الجفاء روح الجمع لا التفريق روح الإنسانية التي تربط بيننا روح الوطن روح وحدة المصير والمستقبل روح الغد
ولنتذكر عند قيامنا بأي عمل أنه سيعرض علي وجوهنا لأننا بعد الستين سنأخذ الوجه الذي نستحقه وستكتب علي وجوهنا صحيفة اعمالنا وتصبح وجوهنا أشبه ما تكون بلافتة إعلانية مدفوعة الأجر أجرها اعمالنا لانستطيع اخفاؤه أو تضليل الآخرين
لذا قيل قديما إن وجوه الأشخاص مرآة اعمالهم نعم فكل عمل الإنسان طوال ستون عاما تستطيع أن تقرأه في وجوه الأشخاص ومن هنا تأسس علم الفراسة وتطور منه من العلوم الحديثة الكثير كعلم الإجرام وغيرها وهي أن صاحب العمل السيء ومرتكبو الجرائم ينعكس ذلك علي وجوههم وملامحهم بل واعضاؤهم المختلفة فتجحظ العينين ويغور الخد الي الداخل وغيرها من صفات جسمانية الي جانب الراحة النفسية والاشراق او الاعتام وغيرها من الصفات التي يعلمها المتخصصون
انها عدالة السماء ودعوة لكل البشر لحب الخير والتسامح
كاتب المقال
الدكتور أحمد رجب محمد على
عميد كلية الآثار جامعة القاهرة
الملحق الثقافى المصرى بسفارة جمهورية مصر العربية بأوزبكستان وبلاد طريق الحرير سابقاً
أمين لجنة ترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين بالمجلس الأعلى للجامعات الدورة 40
أستاذ ورئيس قسم الآثار الإسلاميه بكلية الآثار جامعة القاهرة سابقاً
مدير المركز الثقافي المصري بطشقند سابقاً
ممثل وزارة التعليم العالي باللجنة التنسيقية للمتاحف – مجلس الوزراء
عضو المجلس الاعلي للثقافة ( لجنة الاثار ) وزارة الثقافة
عضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بوزارة السياحة والآثار
عضو اللجنة العليا للنشر – دار الكتب المصرية
عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية