البطة العرجاء، أو “The Lame Duck”، هو اصطلاح أمريكي يطلق على حالة الإدارة الأمريكية، عندما ينتمي الرئيس الأمريكي إلى الحزب المعارض لحزب الأغلبية في الكونجرس. فمثلاً، عندما تولى الرئيس الأمريكي، الحالي، جو بايدن، المُنتمي إلى الحزب الديمقراطي، رئاسة الولايات المتحدة، كانت نانسي بيلوسي تترأس الكونجرس، الذي يشغل الحزب الديمقراطي أغلبية مقاعده، وهو ما كان يضيف على عملية اتخاذ القرار نوعاً من المرونة والسلاسة والسرعة، نظراً لترجيح الأغلبية لقرارات الرئيس، المُنتمي لحزبها، باعتبار أن مشروعات تلك القرارات تمت صياغتها في أروقة الحزب قبل عرضها على الكونجرس.
إلا أنه في أواخر العام الماضي، بعد إجراءات انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، ويُطلق عليه “التجديد النصفي”، لأنه يجري في منتصف فترة رئاسة الرئيس الأمريكي، بعد سنتين من توليه الحكم، جاءت نتيجة تلك الانتخابات صادمة، إذ حصل الحزب الجمهوري، المعارض للرئيس الأمريكي، على الأغلبية، وأصبح الجمهوري، كيفن مكارثي، رئيساً للكونجرس، اعتباراً من 1 يناير 2023، وهو ما يُتوقع معه تعقيدات في عملية اتخاذ وتنفيذ القرارات، خلال العامين المتبقيين من فترة رئاسة الرئيس الأمريكي، لذلك يُطلق على تلك المرحلة مصطلح “البطة العرجاء”.
وكانت مجلة بوليتيكو (Politico) الأمريكية قد عبرت عن ذلك الوضع، على أحد أغلفتها، يوماً، بأن رسمت مبنى الكونجرس، تعتليه بطة بطرف صناعي، وكتبت تحتها “The lame duck looms”، أي “البطة العرجاء تلوح في الأفق”. ومما يزيد من صعوبة هذه المرحلة، أن الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، سيخوض انتخابات الرئاسة القادمة، وغالباً سينافسه الرئيس السابق، ترامب، من الحزب الجمهوري، لذا سيعمل الكونجرس، خلال الفترة القادمة، على إضعاف سلطة الرئيس جو بايدن، ليتيح لمرشح الحزب الجمهوري الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة.
ومن المُتوقع، كذلك، أن تتأثر الحرب الروسية الأوكرانية، الجارية، فبعدما كان الكونجرس الأمريكي يؤيد، ويمرر، جميع قرارات الرئيس بايدن، بدعم الرئيس الأوكراني، سواء مادياً أو عسكرياً، في حربه ضد روسيا، فإن الكونجرس الحالي، بأغلبيته الجمهورية، يعارض تلك الحرب، ويرى في دعم أوكرانيا استمراراً للحرب، على حساب الأمن القومي الأمريكي، باعتبار أن الدعم المُقدم لأوكرانيا يأتيها من احتياطي القوة العسكرية الأمريكية، وبناءً عليه ستشهد المرحلة القادمة معارضة لأية قرارات دعم لأوكرانيا، أملاً في إجبار الأطراف إلى اللجوء لمفاوضات سلام، بعدما تأثر العالم كله بتداعيات تلك الحرب.
وأظن أننا سنشهد، في الفترة القادمة، مرور الإدارة الأمريكية بفترات شد وجذب، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية.