لاشك أن التعليم هو القاطرة التي تقود أي بلد في العالم إلي التقدم والرقي والجامعات في الدول المتقدمة ،عليها أن تفرز للمجتمع المحيط خريجين علي مستوي عالي من الكفاءة في التخصصات الفعلية التي تحتاجها البيئة المحيطة والخطة الإستراتيجية للدولة وأن هناك العديد من التخصصات التي أصبحت عبئاً علي الجهاز الإداري للدولة خصوصا النامية لأنها لا تساهم ولو بقدر ضئيل في تنمية الدولة أو زيادة مواردها أو تحقيق خطتها الإستراتيجية والنمو والتطور التي تنشده الدول.
كما تلاحظ أيضا أن هناك مناطق أو محافظات مكتظة بتخصص ما وآخري تفتقر إليه ، كما تلاحظ أيضا أن هناك صراعا بين الجامعات علي إفراز خريجين إلا أنهم غير متخصصين تخصصاً دقيقاً فيما تحتاجه خطط التنمية بالمحيط البيئي لكل محافظة أو كل منطقة سواء في التعليم أو خطط البحث العلمي والمشروعات البحثية الممولة فضلاً عن تخصص البعض في تخصصات لاتحتاجها البيئية المحيطة كأن يتخصص أحد مثلاً في زراعات السواحل المالحة وهو خريج جامعة موجودة في منطقة زراعية أو صحراوية وهكذا.
من اجل ذلك أقترح هذا النوع الجديد من الجامعات لقد عرفنا الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والإلكترونية إلا أن النوع الذي أقصده هنا في هذا المقال هو الجامعات البيئية فلنعلم أولاً ماهو مفهوم الجامعة البيئية
مفهوم الجامعة البيئية
الجامعة البيئية هي جامعة تضم كل التخصصات المتعارف عليها مثل الطب ،والطب البيطرى ،والهندسة ،والصيدلة ،والزراعة،والعلوم، والآداب ،والآثار ،والسياحة والفنادق، وغيرها إلا أن محتوي التدريس والموضوعات وكذلك الخطة البحثية لما بعد الدرجة الجامعية الأولى يكون مختلفا حيث أنه في حالة الجامعة البيئية يكون مرتبطاً بالبيئة فمثلاً كلية طب جامعة الوادي الجديد أو سيناء أو أي منطقة يغلب عليها الطابع الصحراوي تهتم بالعلوم الطبية الصحراوية أى الأمراض التي تنتشر في بيئات الوادي الجديد وسيناء ،بينما كلية طب في الجيزة أو الفيوم تهتم بالأمراض والأقسام الموجودة في البيئات الزراعية ،بينما كلية طب القاهرة أو المناطق المكتظة بالسكان تهتم بأمراض المدن، بينما كليات طب السواحل تهتم بأقسام الأمراض الساحلية أو البحرية …. الخ
وهكذا كلية زراعة الصحراء تهتم بزراعات الصحراء والأراضي الرملية والري من الآبار أو التنقيط والنباتات التي تنمو في المناطق الصحراوية أو التي يمكن زراعتها في هذه البيئة المحيطة وأقسام النخيل ومكافحة أمراضها وزيادة إنتاجيتها أو الأعشاب الطبية الصحراوية فلا يمكن أن يدرس شجر الأبنوس أو الأرو مثلا أو أشجار الكاكاو والجوز والفستق أو زراعات المناطق المتجمدة وهي لا تنمو بمصر ولا بالدول المحيطة، وكلية الطب البيطري تهتم بالحيوانات في البيئة المحيطة مثل الجمال أو الماعز في الصحراء والجاموس والأوز أو البط مثلا في البيئات الزراعية والأسماك في البيئات الساحلية وكليات الهندسة تهتم بكيفية التكيف مع البيئة المحيطة من آلات وأدوات ومبيدات وإجراء البحوث التطبيقية بها وليس علي الطالب أن يدرس علوما ليست في بيئته ولا يمكن إستخدامها مستقبلاً أو آلات ليس لها دور في البيئة المحيطة.
وحتى العلوم النظرية كلية الآداب مثلا عليها أن تدرس المجتمعات في البيئة المحيطة ومشاكلها ولهجاتها وعاداتها وتقاليدها واحتفالاتها وموسيقاها وتاريخها وحكمها وأمثالها وفلسفتها وشعرها وجغرافيتها … الخ.
كليات الآثار تدرس آثار المنطقة فكلية آثار الأقصر تدرس آثار الأقصر وتعطينا خريج متخصص في الآثار بصفة عامة من متاحف وحفاير وفنون ولكنه متخصص دقيق في آثار الأقصر وهكذا كلية آثار الفيوم تتخصص في آثار الفيوم أو مصر الوسطي وكلية آثار أسوان تتخصص في آثار أسوان أو الجنوب.
كليات السياحة والفنادق أيضا تخرج لنا مرشدا سياحيا متخصصا في آثار الأقصر وأسوان في الجامعات البيئية في جنوب مصر ومتخصص في آثار الوجه البحري في جامعة الإسكندرية ومتخصص في مصر الوسطي في اثأر الفيوم وهكذا ومتخصص في السياحة العلاجية أو السفاري في سيوة مثلا أو في السياحة الشاطئية في البحر الأحمر وسيناء أما أقسام الفنادق فلتهتم بالأطعمة بصفة عامة ولكن تركز علي الأكلات المصرية في الصعيد إلي جانب الأكلات العالمية الشهيرة في حالة كليات الصعيد وفي مصر الوسطي في حالة كليات مصر الوسطي وفي أكلات الوجه البحري والقاهرة في حالة كليات الوجه البحري والقاهرة وفي الأكلات الساحلية في حالة الكليات الساحلية مع الاهتمام بالأطباق التي يريدها الزائرين والأجانب المتوقع قدومهم إلي هذه المناطق سواء من بلادهم أو الأكلات المصرية
أهمية الجامعات البيئية
تكمن أهمية الجامعات البيئية في النقاط التالية:-
أن يكون الخريج سواء من كلية الطب أو الطب البيطري أو هندسة أو زراعة أو إي تخصص متخصصا في البيئية المحيطة بالجامعة وبالتالي نضمن حسن التوزيع وعدم هجرة الخريج إلي محافظة أخري وبالتالي لا يتكدس الخريجين مثلا في القاهرة والإسكندرية وتكون هناك مناطق أخري بها عجز ولا يكون هناك مناطق جذب أو مناطق طرد للتخصصات
ثانيا أن تكون التخصصات في الحقل الواحد تكاملية وليست تصارعية فكل خريج سيجد عمله في البيئة المحيطة ويكون له دور في عملية التنمية في بيئته ويكون مطلوبا بها
ثالثا أن تتوافر كوادر مدربة لأزمة لتحقيق الخطة الإستراتيجية مع استبعاد التخصصات غير المتعلقة بالبيئة المحيطة بالجامعة أو غير المطلوبة بعد التخرج أو تقليل أعداد المقبولين بها وبالتالي تقل البطالة الحقيقية والمقنعة
رابعا أن يكون للخريجين فرصة عمل واقعية حقيقية ليس فقط داخل البلاد بل خارجها أيضا في البيئات المماثلة
خامسا أن ينصب المحتوي التدريسي علي ماهو مطلوب فعلا ولا تثقل الجداول الدراسية بأعباء غير مطلوبة كان يدرس الخريج في كلية الزراعة مثلا الزراعة في المناطق الباردة أو الثلوج أو المحاصيل التي لا تنتجها مصر بل التي لا تنتجها محافظته حرصا علي وجوده وخدمته لمحيطه بعد تخرجه ولتترك الدراسات العامة أو الشاملة لجامعات العاصمة.
مثلا إي أنها جامعات مرتبطة بالبيئة المحيطة بكل جامعة وبمواجهة احتياجات وتحديات التنمية في محيطها ودراسة متطلبات سوق العمل وربط أقسامها وتفاصيلها بالاحتياجات الفعلية الواقعية وسوق العمل واقتصاديات هذا السوق والعمل علي حل المشكلات التي تعوق عملية التنمية في كل بيئة والعمل علي زيادة الإنتاج والبحث عن الإمكانات المتاحة بكل منطقة وآليات تطويرها وزيادة إنتاجياتها وربطها بالسوق المحلي من جهة والأسواق العالمية والآليات العالمية من جهة أخري ولكن في حدود المكون الداخلي لعملية التنمية وليس نقل برامج جاهزة قد تتوافق مع البيئات المحيطة بكل تخصص وقد لا تتوافق وتسخير جميع الأبحاث العلمية في خدمة تنمية المناطق المحيطة خصوصا التنمية المستدامة التي تضمن استمرار هذه الجامعات في تأدية ادوار مؤثرة في بيئاتها تنعكس بالإيجاب علي عمليات التنمية الحقيقية بكل منطقة في خطة حقيقية وليست ورقية واقعية وليست نرجسية
من اجل ذلك فعملية التنمية لابد لها من أدوات ولابد من حسن توزيع وتدريب وتعليم الخريجين والباحثين ونوعيات الأبحاث والتركيز علي ما نحتاجه فعلا وتحتاجه خطط التنمية والمساهمين في هذه التنمية لذا من أجل تنمية مستدامة واقتصاد متطور من أجل تكامل بين الكليات في التخصص الواحد وحرصا علي أن يكون كل خريج ترس في ماكينة التنمية المستدامة والخطة الإستراتيجية للدولة مصر 2030وتواكبا مع ما تبذله الدولة من جهد كبير خصوصا في مجال التعليم والبحث العلمي والتخصص الذي هو قاطرة التطور اقترح إنشاء عدد من الجامعات البيئية المتخصصة كنوع من الجامعات التي تنفرد بها مصر
آليات التنفيذ
من اجل خطة عمل طموحة ولكن واقعية وليست نرجسية أو ورقية اقترح أما إنشاء جامعات مستقلة تحت عنوان الجامعات البيئية خاصة لتخصصات المناطق الموجودة بها فقط
واقترح البدء بعدد قليل في الأماكن واضحة للتخصص مثل جامعة سيناء البيئية بها كلية طب الأمراض الشائعة بسيناء وكلية زراعة لأنواع المزروعات والمحاصيل بسيناء وكلية طب بيطري للحيوانات التي تربي بسيناء وكلية صيدلة للعقاقير والإعشاب الشائعة بسيناء وكلية علوم تدرس علوم وجيولوجيا سيناء وكلية آثار وكلية سياحة تدرس آثار وسياحة سيناء بأنواعها المختلفة وكلية آداب تدرس مجتمع سيناء ولهجاته وعاداته وجغرافيته وتاريخه الخ
جامعة سيوة أو البحر الأحمر البيئية
جامعة الصعيد البيئية
جامعة العاصمة الإدارية البيئية …..وهكذا
أو الجامعات النوعية مثل الجامعة الصناعية وتضم كل الكليات والتخصصات اللازمة لدعم الصناعات بأنواعها المختلفة
الجامعة الزراعية وتضم كل الكليات التي تخدم الزراعة وملحقاتها والأنشطة المتعلقة بها وتربية الحيوانات والثروة الداجنة …الخ
الجامعة الطبية وتضم كل التخصصات الطبية من جراحة وأورام وأشعة وطب الصحراء وطب الزراعات وطب البحار وطب الشواطئ وطب الحروب. والتمريض والعلاج الطبيعي والصيدلة والتخصصات ذات الصلة
الخيار الثاني هو تحويل الجامعات القائمة بالفعل سواء الحكومية أو الأهلية أو الخاصة إلي جامعات بيئية مجتمعية وتعزيز الأقسام التي تفرز خريجا صالحا للعمل بالبيئة المحيطة وزيادة أعداد المقبولين بها مع تقليص أعداد المقبولين بالأقسام التي لا تحتاجها خطط التنمية بالبيئة المحيطة أو بإستراتيجية التعليم والتطوير والتحديث بالدولة
حمي الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها المحبوب عبد الفتاح السيسى ودائما مصر أولا وأخرا وفي القلب وفي العقل نجم ساطع يهتدي بها كل طالب هدي وشمسا مضيئة يهتدي بنورها كل من أراد النجاح والتوفيق