أخبار عاجلةالمنطقة الحرة

تاملات عابره…بقلم يسر العوادنى “تونس “

في يوم 5 فبراير، 2023 | بتوقيت 10:54 مساءً

مكتب المحروسة نيوز – تونس

من مندوبنا بتونس الحبيب بنصالح

لم يكن سهلا علي ان اتقبل فكرة هجره عني ويتواصل كل شيء بعده ، لقد وجعت من فراقه حتى إلتف نهاري وتمدد ليلي وصار الاسود يومي ودموعي ولوني وقلمي ومذاق قهوتي واصحابي …. لازلت اتذكر يوم غادرني صغيرة في عمر الزهور الان أتأمل نفسي في المرآة فأرى طفلة عجوز مسح الحزن ملامحي الطفولية واستبدلها بتفاصيل عجوز في الستين يؤذيني انه رحل عني دون ان يطيل النظر في عيني دون توديعي دون ودون …. رحل عني وكأنه ترك جزءا مني يتلاشى في غيابه ، أحاول الان جمع شتات نفسي البائسة وايامي الغابرة امام هذا البحر الهائج دخلت في طقس من الصمت ممعنة النظر في تموجاته محاولة استرجاع اللحظات الجميلة معه بكل تفاصيلها اذكر جيدا حينما كان يرسمني امام مقهى عمه كان كلما مررت من امامه ارتفع قلبه حتى انني كنت اسمع دقاته رغم بعدها عني ، كنت قلمه وهو كان رسامي لطالما كان يحمل صورتي في جيب معطفه الرمادي كان يفتخر بتلك الرسمة وكأنني اكبر إنجازاته كيف لانسان ان يحب بتلك الجنونية ويهجر من يحبه ليته اخبرني عن سبب رحيله ليته لم يترك في جوفي أسئلة موغلة في القهر ولا إجابة …
لم يكن يعلم ان غيابه ادمى قلبي وقتل وامتص معه حنيني كيف يمكن ان انساه بدمعة واحدة واودع معها حزني واستقبل فرحي ! كيف يمكن لهذه العجوز ان تضحك بهستيريا وفي قلبها الف لحن حزين والف مقطع مدمن يتخلل صدر مضلم اخرس ؟!!!
كلما حاولت ان ادير ظهري وامسح عن ذاكرتي غبار الاوجاع اعود منهكة كمن خرج للبحث عن الخلود وعاد تغمره الخيبة والكابة، فاعود من جديد وألوم قلبي الذي لطالما جعلت مسافة بعيدة اشد البعد ، بينه وبين الحب ، لانني كما يقول درويش “من اولئك ممن يموتون عندما يحبون “… ومن اولئك الذين يقتلهم الحب بطريقة الاجزاء كلما ابتعد عنك مسافة مات جزء . وكلما غدرك حبيب مات جزء . ليأتي الموت الاكبر مع هجره عنا ويدفن معه روحنا المتعبة تحت التراب ويتركنا جسدا بلا روح …
لقد اشعلت فيا هذه الذكريات التي حاولت استرجاعها لهيبا لا يمكن حتى لهذا البحر الهائج إطفائه .. جمعت ما تبعثر في نفسي من أحاسيس وعدت إلى بيتي حيث اتقوقع مع عزلتي وحبري وورقي كنت كلما تسرب اليأس إلى نفسي أسرع بالكتابة لا اترك كلمات لا اشتمه بها ولا نعوت قبيحة لا اصفه بها وعندما انهي ما كتبته أعيد قرائته وانا استمتع بتلك الكلمات البذيئة فاضحك من قلبي بجنون هستيري لكن سرعانما تنتابني كتلة من الحزن فتتسارع دموعي نحو البكاء وكأنها كانت على إتفاق معه على قتل جميع لحظاتي مع نفسي حتى الهادئة منها ، كنت اعلم ان هذا الحزن لن يختفي بمجرد تمزيق صوره وإلقاء هداياه في القمامة ولعنه في كتاباتي كنت على يقين بانني احبه وبانه سيعود يوما ما يتوسلني بان اسامحه عن جهله لحبي واغفر خطيئته عن هجري،
انا على أشد اليقين بعودته لكن متى سيعود هذا ما لا أعلمه كم تمنيت لو انه عانقني عناقا اخترق به قلبه قلبي عناقا يكفي لكل الايام التي فيها هجرني والايام التي فيها سانتظره ، عناقا يبكينا كلانا وتبكي معنا الطيور والسماء مطر والمارة حزنا على حالنا ، كم تمنيت لو ادس اصابعي في ثنايا شعره الاشقر واتأمل عيناه الصغيرتان واقترب منه قليلا فأهمس في أذنه مبتسمتا ” وانني بكل أسف وندم ليتني لم اعرفك

بقلم

 يسر العوادنى

طالبه حقوق سوسه تونس

   

مقالات ذات صلة