آثار ومصرياتسياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

الدكتور محمد عبد اللطيف يلقى الضوء عبر “المحروسة الإخبارية” عن “محطات من رحلة العائلة المقدسة في مصر”

في يوم 23 يونيو، 2019 | بتوقيت 4:09 مساءً

رحلة العائلة المقدسة حدث فريد اختص به الله ارض مصر ولم تحظ بلد اخرى فى العالم بتلك الزيارة المباركة ، ولهذا فإن لهذه الرحلة قيمة دينية كبيرة عند كل المصريين مسيحيين ومسلمين وعند كل مسيحى العالم بمختلف طوائفهم وكنائسهم ، وكذلك لهذه الرحلة قيمة اثرية وتاريخية لما تحويه محطات مسار تلك الزيارة بمعالم وشواهد اثرية تعبر عن تلك الرحلة وتشير اليها وذكرتها المصادر والمراجع التاريخية وايضاً تحوى على أماكن اخرى تمثل التراث اللامادى الذى يعبر عن مرور العائلة المقدسة لتلك الأماكن والتى يبلغ عددها تقريباً ما بين 22 إلى 25 موقع اثرى وتاريخى .

والحقيقة إن الكنيسة القبطية المصرية تبوأت مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لارتباطها برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حيث كانت مصر هي الملاذ لكل من يبحث عن الأمان، فلم تكن أرضها غريبة على أنبياء الله فقد سبق وأن جاءها نبي الله إبراهيم عليه السلام ووفد إليها يوسف عليه السلام، وصدع يوسف النجار بما أمر، وجاء إلى مصر بالعذراء البتول وطفلها في الرحلة المقدسة.

كما أن العائلة المقدسة لم تستقر في مكان واحد في مصر إنما تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أواسط الصعيد، مؤكدا أن هذه الرحلة المقدسة تعد من التراث المصري الاستثنائي عالميا، الذي يعكس تراثا مرتبطا بالشعب المصري، فهو مصدر خصب للروايات عند مسيحيي مصر، وتوارثته الأجيال التي عمدت على تسجيله في عديد من المصادر الدينية والتاريخية، من بينها الكتاب المقدس والسنكسار والميمار والمخطوطات النادرة التي تحتفظ بها الأديرة والكنائس القبطية في مصر.

وتجدر الإشارة إلى أن العائلة المقدسة دخلت إلى مصر عن طريق صحراء سيناء من جهة العريش والفرما، لترتحل إلى عديد من المدن المصرية، التي قسمتها المصادر الدينية والتاريخية القبطية إلى ثلاث مراحل الأولى (العريش – الفرما – تل بسطة – مسطرد – بلبيس – مدينة سمنود – سخا – وادي النطرون)، والثانية (المطرية – بابليون بمصر القديمة – منف – المعادي)، والمرحلة الثالثة ( البهنسا – جبل الطير – الاشمونين – فيليس – قسقام – مير – جبل قسقام – جبل درنكة ، وقد أقامت العائلة المقدسة فى بعض المدن أسبوعا أو بضعة أيام، وفي مدن أخرى شهرا أو أكثر وكانت أطول مدة قضتها هي في جبل قسقام، حيث قضت 185 يوما، واستمرت العائلة المقدسة في مصر حوالي أربع سنوات إلى أن مات “هيرودوس” الملك وحكم بدلا منه “أرخيالوس”.

ونظراً لتلك الأهمية الكبيرة لرحلة العائلة المقدسة فقد اهتمت مصر بتلك الرحلة العظيمة وتضافرت جهود الجهات الرسمية لإبراز تلك الرحلة المقدسة والتعريف بها حتى تأخذ مكانها اللائق بين المزارات الاثرية الدينية السياحية فى مصر وعلى المستوى العالمى ، ومن بين الجهات الرئيسية المنوط بها تلك المجهودات فى انجاح مسار رحلة العائلة المقدسة وزارة الاثار المصرية والتى انهت ترميم وتجهيز كثير من المواقع الأثرية الهامة المرتبطة بتلك الرحلة وقد شرفت بالتكليف بالإشتراك فى تلك الأعمال والتى كان آخرها إصدار كتالوج جديد باللغة العربية واللغة الإنجليزية بعنوان ” محطات من رحلة العائلة المقدسة في مصر” ” from the Holy Family’s Journey through Egypt” .

وذلك ضمن اعمال توثيق محطات مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر على قائمة التراث العالمي اليونسكو ، وقد شرفت بالإشراف على الإشترك فى إعداد هذا العمل مع فريق من الباحثين الشباب المتميزين بوزارة الآثار وأذكر منهم الدكتور/ أحمد عبد الحميد النمر، والأستاذ/ عمرو عبد الكريم ، وفكرة هذا الكتالوج هي توثيق فوتوغرافي مبسط وجذاب للتعريف بمجموعة من محطات رحلة العائلة المقدسة وهي أديرة وادي النطرون وشجرة مريم وكنسية أبي سرجة وكنيسة العذراء مريم بجبل الطير بالمنيا و دير المحرق بأسيوط ، كما أنه يتضمن عرض تاريخي موجز عن مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر ومحطاته، كذلك رصد الجوانب التراثية من مظاهر الاحتفالات المختلفة، مدعم بالخرائط التي توضح المحطات والمسار، والذى سوف يساهم بشكل كبير فى التعريف بالرحلة والترويج لها محلياً وعالمياً للإستفادة منها أثريا وسياحياً وإقتصادياً .

كاتب المقال 

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

أستاذ الاثار – وكيل كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

مساعد وزير الآثار السابق