آثار ومصرياتسياحة وسفرمنوعات

الدكتور محمد عبد اللطيف يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : كأس الأمم ..وعودة مصر لمكانتها الطبيعية فى الريادة الأفريقية

في يوم 21 يونيو، 2019 | بتوقيت 8:57 مساءً

مصر هى حجر الزاوية وصمام الأمان لأفريقيا فهى بوابتها الشرقية ورائدة حركات التحرر الحديثة وافريقيا هى عمق مصر الإستراتيجى والداعم الأكبر المساند لمصر فى قضاياها المطروحة فى المنظمات والهيئات الدولية والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ولا يتسع المجال لسردها وحصرها.

 هذا عن مصر وافريقيا حديثاً ولكن الحقيقة ان العلاقات المصرية الأفريقية ترجع إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد وتشهد على ذلك ماسجلته الحضارة المصرية القديمة على جدران معابدها من سعى مصر الدائم لتأمين منابع النيل وهناك ما هو ابعد من ذلك من علاقات طيبة نشأت مع عمق افريقيا فى رحلات المصريين إلى بلاد بونت والتبادل التجارى والحرص على إقامة علاقات طيبة يسودها الإحترام والود والمنفعة الإقتصادية المتبادلة.

ولما اصبحت مصر دولة إسلامية كانت هى المدخل الرئيسى للإسلام فى أفريقيا شمالاً وغرباً حتى وصل إلى شاطىء المحيط الأطلنطى على سواحل موريتانيا والسنغال وغانا ونيجريا وغيرها ، ويوجد فى معظم هذه البلاد آثار إسلامية عريقة لبدايات دخول المسلمين فى هذه البلاد عن طريق التبادل التجارى بين القوافل التى كانت تعبر الصحراء الكبرى مرورا بشمال السودان ثم بلاد النوبه حتى أسوان التى كانت المعبر الرئيسى للتبادل التجارى بين مصر وأفريقيا وذلك فى واحدة من اهم نقاطها التاريخية والأثرية وهى جزيرة الفنتين .

وقد سبق لى إجراء أبحاث ودراسات فى هذا الموضوع من خلال العمل مع البعثة الألمانية السويسرية فى جزيرة الفنتين فى أسوان ، وذلك بداية من عام 2011م وحتى عام 2017م ، وقد أثبتت تلك الدراسات فى بعض نتائجها أن الحالة الإقتصادية فى هذه المنطقة كانت ذات مستوى مرتفع وأنها جذبت كثير من التجار للإقامة بها وكذلك بعض أصحاب المهن والحرف المساعدة للعمل التجارى ، وأنه كانت تتم إتفاقات وصفقات تجارية بين بعض التجار تشمل كيفية توزيع البضائع على بعض تجار التجزئه ، وأن جزيرة الفنتين كانت محطة رئيسية لجميع انواع البضائع القادمة من السودان ومن بعض بلاد أفريقيا ومن أهمها جلود الحيوانات ومن أهمها جلود البقر وأكثر ورودها من كردفان ، وجلود فرس البحر التى كان يصنع منها السياط ، بالإضافة إلى الحيوانات الحية الأخرى مثل الأبقار والجاموس والتى كان يتم الإستفادة من لحومها وجلودها .

 أما فى العصر الحديث فقد شهدت العلاقات المصرية الأفريقية تطورًا ملحوظًا، خاصًة بعد تولي الرئيس جمال عبد الناصر الرئاسة، وعادت العلاقات بين مصر وأفريقيا إلى مستوى رفيع بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لها، والذي أولى الكثير من الاهتمام لدول القارة السمراء. لم تكتف مصر بهذه العودة إلى أفريقيا سياسياً وإقتصادياً بل رحبت بان تكون الحاضن لبطولة كأس الأمم الأفريقية فى نسختها الثانية والثلاثين فى الفترة من 21يونيو وحتى 19 يوليو 2019م ، بل ان هذه البطولة تسجل الرقم الأعلى فى عدد المنتخبات الدولية المشاركة والتى يبلغ عددها اربعة وعشرون منتخباً بما فيهم الدولة المستضيفة مصر.

 وهذا الرقم يعنى ان مصر تستطيع ان تنظم بطولة بهذا الحجم اصبحت تعادل تنظيم اسبانيا لبطولة كأس العالم عام 1982 والذى كان أيضاً بها اربعة وعشرون منتخباً مشاركأ ، ولكل عاقل ومنصف يستنتج من ذلك عدة إستنتاجات هامة.

 أن مصر إستطاعت وفى فترة وجيزة تجهيز البنية التحتية من ملاعب واستادات وطرق وفنادق لإستضافة بطولة تضارع البطولات العالمية وتلقى الإهتمام من كل سكان الكرة الأرضية بما تحويه هذه المنتخبات المشاركة من لاعبين على مستوى عالمى يلعبون فى أفضل الدوريات لكرة القدم مثل إنجلترا واسبانيا والمانيا وفرنسا وإيطاليا وهى الدول التى تمثل الدوريات الخمس الكبرى فى عالم كرة القدم .

ومما نستنتجه ايضاً أن مصر آمنه وقادرة على حماية ضيوفها الأفارقة من اللاعبين وأجهزة المنتخبات والجماهير المصاحبة لها وكذلك كل الشخصيات العالمية والصحافيين وممثلى وكالات الانباء العالمية التى سوف تحضر لمتابعة الحدث .

 أن ردود فعل إخواتنا الأفارقة فى الترحيب بإقامة البطولة على أرض مصر بعد إعتذار بعض الدول عن تحمل مسؤلية التنظيم لهو شهادة كبيرة من أفريقيا من ان مصر هى بيت افريقيا .

ويتبقى لنا توفيق الله فى إظهار مصر بما يليق بتاريخها فى هذه البطولة وخروجها بما يعبر عن الحضارة المصرية وأن نستفيد منها إعلامياً وسياحيا وإقتصادياً ، وايضاً رياضياً فمصر التى سبق لها تحقيق إنجاز غير مسبوق فى الفوز بتلك البطولة سبعة مرات فى اعوام 1957 ، 1959 ، 1986 ، 1998 ، 2006 ، 2008 ، 2010 ، نتمنى من الله ان تكون بطولة عام 2019م هى الثامنة فى تاريخ مصر .

 

كاتب المقال

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

 مساعد وزير الآثار السابق

وكيل كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

 أستاذ الاثار بجامعة المنصورة