أخبارسياحة وسفرعالم الطيران

الخبير السياحى عادل شكرى يكتب لـ “المحروسة نيوز “سلسلة مقالات بعنوان “السياحة راحة” : “حتي لا يطير الدخان”!!

في يوم 20 يونيو، 2019 | بتوقيت 10:03 مساءً

السياحة راحة

قديما قالوا في الأمثال الشعبية “الصراحة راحة” ، في أي شئ تفعله أو تعمله لو إتبعت مبدأ الصراحة نجح وإزدهر ، والعكس بالعكس ، وللأسف لم تزدهر السياحة منذ تسعينيات القرن الماضي ، عللنا وتعللنا بالعديد من الأسباب ولم نفكر في الصراحة مع أنفسنا ، نلف وندور حول الأسباب ولم نفكر في أن نصارح أنفسنا .

فلنتصارح ونجرب لعلنا نجد في …… “السياحة — راحة”

حتي لا يطير الدخان

كتبت في مارس الماضي معاتبا السيد وزير الطيران علي قراره الصادر في آخر فبراير بزيادة رسوم المغادرة ولم يكن عتابي لسيادته علي الزيادة في حد ذاتها – وإن كنت لا زلت أري أنها زيادة غير مبررة مقابل مستوي خدمة متواضع جدا مقارنة بما يتلقاه المسافر من خدمات في مطارات أخري بالمنطقة – وإنما كان إعتراضي علي شقين هامين جاءا في نص القرار ، أولهما أن ينفذ القرار في اليوم التالي لتاريخ صدوره بالجريدة الرسمية (وهو ما يتنافي من أعراف فرض الزيادات المشابهة بمنح الأطراف المنفذة للزيادة من شركات سياحة وطيران لمدة لا تقل عن 3 شهور والأفضل أن تكون 6 شهور لتغيير الأسعار وتلافي مفاجأة المسافربفرض رسم لم يكن في حسبانه حتى ولو كانت الزيادة بضعة دولارات) ، أما الشق الثاني فكان في نص بعض مسميات الزيادة وتحديدا ما سماه القرار “رسم علي كل راكب نظير تطوير النظم والإجراءات الأمنية بالمطارات المصريةوكتبت بالنص ما يلي:

“ما معني فرض رسم إجراءات ونظم أمنية ؟ المسمي نفسه يدفع المسافر للخوف ، هو اللي حايدفع يتأمن واللي مش حايدفع حايموت؟ كان من باب أولي إضافة هذا الرسم لرسم المغادرة دون ذكر المسمي المرعب (الإجراءات الأمنية) وبعدين إبقوا قسموا الفلوس مابينكم وبين الداخلية !”

وكم كانت سعادتي وسعادة الكثيرين من العاملين بقطاع السياحة عندما تدخل وعلي الفور النائب المحترم والسياحي المخضرم والصديق العزيز قبل كل ذلك عمرو صدقي رئيس لجنة السياحة بالبرلمان وتواصله الفوري مع السيد الوزير والإتفاق معه علي تأجيل القرار إلي شهر نوفمبر 2019 وهو ماحقق الشق الأول من عتابي لمعالي الوزير ويعطي بارقة أمل أن تعمل الوزارة علي تطوير المطارات لتستحق وبجدارة هذه الزيادة .

لم تمض سوي عدة أيام وتحديدا في إبريل 2019 إلا وخرجت علينا وسائل التواصل الإجتماعي بصور مؤسفة لمجموعة من أكشاك بيع الحلوي والمثلجات أقيمت في مبني المطار رقم 3 كما في الصورة التالية

وإنهالت التعليقات الساخرة واللاذعة علي الوزارة والوزير وإن كنت متأكدا أنه لم يكن له يدا في التصريح بإنشاء مثل هذه الأكشاك ، فقام سيادته علي الفور بالأمر بإزالة هذه الأكشاك أو كما وصفها قرار الإلغاء المهذب بالـ … كافتيريات .

وكأنما مسئولوا شركة المطارات المصرية يجلسون في غرفة تدخين ويبطلون شفاطاتها (كما هو الحال في معظم غرف التدخين بالمطارات المصرية) حتي لا يطير الدخان أيا كان لونه ابيضا أم أزرقا ، هذا الدخان هو النقود ….. أي نقود ليس مهما مصدرها ولا وسيلة الحصول عليها ، أي نقود والسلام .

دعني أزيدكم من الشعر بيتا ، منذ يومان أنتشرت تلك الصورة علي وسائل النشاط الإجتماعي ، وهي صورة إلتقطها راكب مصري وصل لمطار القاهرة من داخل أحد فروع السوق الحرة بالمطار

صراحة لا أستطيع أن أحدد متي وأين إلتقطت هذه الصورة ، ولكنها واقعا حدث بالفعل ، نعم …. للموظف الحق في راحة وتناول الطعام ولكن في الأماكن المخصصة لذلك ، ماذنب السائح ومن قبله المواطن المصري الذي يرتاد السوق الحرة أن يري مثل هذا المشهد ، هل هذه هي الواجهة التي نريد أن نعبر بها للوافدين عن أم الدنيا؟

وكأن القصيدة لا نهاية لها ، دعني أزيدكم بيتا آخر من الشعر، أرسلت فيديو للسيد رئيس مجلس إدارة الموقع ورئيس التحرير يصور واقعة حدثت بأرض المطار بالموقع رقم 1 ، وطلبت منه عدم نشره لسبب سأذكره لاحقا ، والفيديو موجود إذا ما أهتم السيد الوزير والسيد رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران  ليس للتحقيق في الواقعة – وهو تأكيدا حدث- ولكن للتحقيق في تسريب مثل هذه الفيديوهات من داخل مواقع المطار ومدي خطورتها في إحتمالية أن ترفع شركات التأمين رسوم المخاطر علي الطائرات بمطار القاهرة وإنعكاس هذا علي الراكب سلبيا . الفيديو يصور إحدي عربات دفع الطائرات المعروفة بإسم Push Backوقد إصطدمت إما عن إهمال أو توهان أو قلة خبرة سائق هذه العربة بمحرك طائرة تابعة لمصر للطيران وشطرته شطرين ، والطائرة المذكورة من الطراز القديم Boeing 737 – 200  وكيف يتم دفع الطائرة بعربة Push Back أخري ليتم تخليص الشاطر من المشطور !!!

الطامة الكبري كانت منذ أسابيع عندما أرسلت شركتي الخدمات الأرضية الوحيدتين بمطار القاهرة ( مصر للطيران و المصرية لخدمات الطيران EAS) منشورا لكل شركات الطيران بإيقاف وإلغاء جميع عقود أسعار الخدمات الأرضية إعتبارا من أول مايو 2019 ورفع سعر الخدمات الأرضية بنسبة تصل إلي 100% في بعض المطارات ، فالطائرة في شرم الشيخ مثلا إرتفع سعر خدمتها الأرضيه من 1200 دولار إلي 2500 دولار ، مخالفين بذلك قانون الإحتكار لعام 2005 ، ومخالفين كل البديهيات التي تقول أن لهذا القرار مردود سئ علي حجم السياحة الواردة ، …..وقع تحت يدي نص رسالة رسمية أرسلتها إحدي شركات الطيران من أوروبا الشرقية إلي شركة الطيران المصرية المتعاقدة معها (ولن أذكر إسم الشركتين حتي لا تتوقف مصالح الشركة المصرية ويتم حربها حتي خروجها من السوق) تقول ترجمة جزء من هذه الرسالة:

(السيد / ……

شركة / …..

بالإشارة إلي قرار شركات الخدمات الأرضية بمطار …… نود أن نحيطكم علما بأن شركتنا لا تقبل أي تغيير في رسم الخدمات الأرضية لمطار …….. ، وهذا إخطار رسمي وقانوني صادر من إدارة الشئون القانونية بشركتنا …….. ، ونحيطكم علما بأن الأسعار المتفق عليها وموقعة من الطرفين لا يصح إلغائها إلا بموجب حكم قضائي ، …. وعلي مستوي شخصي إسمح لي أن اتسائل كيف يتأتي أن تعطي وزارة السياحة في بلدكم تسهيلات لنا باليد اليمني وتقوم وزارة الطيران بسحب هذه التسهيلات باليد الأخري؟  ما الذي يمنعنا أن نحول رحلاتنا إلي تركيا ؟ ساعات الطيران إلي تركيا أقل ، وقود أقل، وأسعار خدمات أقل بسبب ضعف العملة التركية أمام الدولار ……………..)

حتي لا يطير الدخان مرة أخري !!!!

دعوني أذكركم وأذكر نفسي بجملة كتبتها لمعالي وزير الطيران في مارس الماضي :  “أخد الحق حرفة”

يا معالي الوزير إن قطاع السياحة لا قيمة لإستثماراته ومنشآته والعوائد المرجوة منه مالم يتوفر وسيلة لنقل السائح من بلاده إلي أم الدنيا ، وهذه الوسيلة  بعد قدرة الله ما هي إلا  قطاعكم المحترم

ألا نجلس سويا لنتفق ونتوافق علي قراراتنا وآلياتنا لنحقق الهدف المنشود من قطاعينا ألا وهو زيادة الدخل القومي لمصر ، وتحقيق ما يطلق عليه من سبقونا في صناعة السياحة والطيران من مبدأ أسمه win-win؟

حفظ الله مصر، وحباها بمن يحافظ عليها ، وأخلف الله علي قطاعي السياحة  و الطيران بمن يريدون ألا …. يطير الدخان.

كاتب المقال 

عادل شكرى 

الباحث والخبير السياحى

مدير إدارة العمليات بشركة بي هوست سيرفيز دبى

الأمين العام لغرفة المنشآت الفندقية  بجنوب سيناء الأسبق