أخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدر

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن: طريق النجاح

في يوم 14 ديسمبر، 2022 | بتوقيت 5:15 مساءً

يقاس نجاح المؤسسات، بنجاح مديروها في إدارتها، ويعتمد نجاح القائد أو المدير، في إدارته، على عنصرين أساسيين؛ وهما درايته ومعرفته بعلوم الإدارة، ثم الموهبة والقدرات الشخصية للإدارة. ولما أتحدث عن علم الإدارة، أتذكر فترة دراستي بالولايات المتحدة الأمريكية، وحصولي على دبلوم إدارة الأعمال، في واحدة من أعرق أكاديميات ولاية كاليفورنيا، التي تعلمت خلالها أن الإدارة السليمة تشمل خمس مراحل؛ أولها جمع المعلومات (Data Collection)، ثم التخطيط (Planning)، والتنفيذ (Implementation)، يليهم المتابعة (Follow-up)، وأخيراً الدروس المستفادة (Learned Lessons).

وتعتمد المرحلة الأولى في جمع المعلومات على إلمام القائد، أو المدير، بالمعلومات الكاملة عن مؤسسته، بدءاً من الهيكل التنظيمي للمؤسسة، ثم مهمة الرئيس نفسه، وهو ما يعرف باسم Job Description، وكذلك مهمة كل مرؤوس، وأخيراً المعلومات الأساسية لكامل المنظومة. يلي ذلك مرحلة التخطيط، المعنية بتحديد الهدف المراد الوصول إليه، مع تقسيمه إلى أهداف عاجلة فورية، ثم أهداف على المدى القريب، ثم أهداف على المستوى البعيد. وتعد الرؤية المستقبلية، أو Vision، أهم عناصر مرحلة التخطيط، والتي يحددها القائد، بناءً على مهمة المؤسسة، وإمكاناتها، بشرط أن تكون رؤية واقعية، بعيدة عن المغالاة.

تبدأ بعد ذلك المرحلة الثالثة، وهي التنفيذ، والمعتمدة على وضع وإعداد خطة التنمية الشاملة للمنظومة، وطبقاً للفكر الأمريكي في إدارة الأعمال فإن تلك الخطة يجب أن تتراوح مدتها بين 20 إلى 25 عام، لأن ما يزيد عن ذلك، يصعب تنفيذه، في ضوء المتغيرات التي قد تطرأ في تلك الفترة. وأذكر أنه خلال مناقشات فترة الدراسة، أن سألت أستاذي، عما إذا كانت الخطط الخمسية، التي اعتمدت عليها مصر أيام الرئيس جمال عبد الناصر، تتعارض مع مفاهيم خطة التنمية، فأجاب، بأن الخطط الخمسية تستهدف اتجاهات محددة، كالخطة الخمسية للصناعة، أو للزراعة … إلخ، ومع ذلك يجب أن تتكامل كلها ضمن خطة التنمية الشاملة للمؤسسة. وتطبيقاً لما تعلمته، واقتنعت به، لما توليت منصب محافظ الأقصر، فقد وضعت خطتي لتطوير المحافظة، Master Plan، لمدة 25 عاماً، والتي نالت المركز الثاني في مسابقة تخطيط المدن في المنطقة العربية، بعد خطة التنمية الشاملة لمكة المكرمة.

أما المرحلة الرابعة من الإدارة، وهي المتابعة، والتي في رأيي تعتبر أهم وأخطر مراحل الإدارة، خاصة في مصر، والتي تشمل المتابعة الورقية، لمتابعة نتائج التنفيذ بالأرقام، ثم متابعة ميدانية، على الأرض، وهو ما نراه، يومياً، من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال لقائه بالمسؤولين عن تنفيذ كافة مشروعات الدولة، ومرور سيادته ببعض الطرق في كل أسبوع، ما هو إلا متابعه لكل ما يتم على أرض الواقع، لأن المتابعة تعني تذليل كافة المعوقات التي من شأنها تعطيل تنفيذ خطة التنمية، فنحن نفتقر إلى نزول المسؤول إلى الشارع، ومتابعة ما يتم بنفسه، والقضاء على أي معوقات للعمل التنفيذي. يلي ذلك المرحلة الأخيرة من الإدارة وهي الدروس المستفادة، التي يجب أن يخرج بها القائد، لتطبيقها في مشروعات مستقبلية.

أما فيما يخص الصفات الشخصية للمدير، فتعتمد على قدراته في إصدار الأوامر والتعليمات، ومتابعة تنفيذها، بالكثير من الحزم، دون تشدد، والكثير من المرونة، دون تفريط، في مراجعة القرارات، والعدول عنها، إذا ما استلزم الأمر. فضلاً عن قدرات التواصل، بين القائد ومجموعة العاملين في المؤسسة، من خلال التواجد معهم، باستمرار، للتعرف على أي مشكلات تواجههم، والاستماع إلى شكواهم. وهو ما اتبعته في الأقصر، بإعلان يوم الاثنين، من كل أسبوع، “يوماً مفتوحاً”، يبدأ من التاسعة صباحاً، ألتقي خلاله مع المواطنين، لأسمع مطالبهم وشكواهم، والتي كنت أتعرف خلاله على مشكلات، لم تكن لتصل لمسامع المحافظ، إلا بالاتصال المباشر بالجماهير، ومنها على سبيل المثال، عندما اشتكت ربة منزل من عدم وجود مدرس إنجليزي في مدرسة ابنتها، رغم مرور ثلاثة أشهر على بدء العام الدراسي، وغيرها من مشكلات انقطاع المياه والكهرباء عن بعض المناطق.

يضاف إلى ذلك اتباع سياسة الباب المفتوح للقائد أو رئيس المنظومة، للاستماع إلى المرؤوسين في المؤسسة، وقد شهدت مدير مجمع أحد المستشفيات العسكرية، التي تضم أكثر من ست مستشفيات، وهو يلتقي، يومياً، في الساعة الثامنة صباحاً، مع قادة هذه المستشفيات، بالإضافة إلى اجتماع أسبوعي لأطقم عمل ذلك المجمع الطبي. كما يلتزم مديرو المستشفيات بالمرور اليومي في السابعة صباحاً، للتأكد من دقة والتزام غرف العمليات، واستعدادها لإجراء العمليات المقررة لذلك اليوم، والتأكد من انتظام العيادات، التي تفتح أبوابها للجماهير في التاسعة صباحاً، وهو ما يتم متابعته، على مدار اليوم، من خلال شاشات المتابعة التلفزيونية، في مكتب القائد، وهو ما جعل تلك المؤسسة الطبية، في مصاف الأفضل على مستوى الجمهورية، سواء في القطاع المدني أو العسكري.

كما يعزز من ذلك التواصل، العلاقة الإيجابية المباشرة، بين القائد ومرؤوسيه، والتي يمكن توطيدها بالحرص على أداء صلاة الجمعة سوياً، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، بدلاً من سياسة الجزاءات أو الإفراط في العقاب، بما يجعل من الحب والمودة أولاً، ثم الاحترام، أساساً في التعامل، وهو ما من شأنه تحفيز رغبة جميع العاملين بالمؤسسة على رفع كفاءتها، والارتقاء بأدائها، بما يعود على مصرنا الغالية بالنفع والصلاح.

Email: [email protected]

كاتب  المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

هو احداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية حالتى الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم

مقالات ذات صلة