أخبارمنوعات

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن: معركة المنصورة الجوية فخر العسكرية المصرية

في يوم 14 أكتوبر، 2022 | بتوقيت 7:50 مساءً

تحتفل القوات الجوية المصرية كل عام بعيدها فى الرابع عشر من أكتوبر، وهى ذكرى أغلى انتصار تحقق فى العصر الحديث، يوم تفوقت على القوات الجوية الإسرائيلية فى سماء الدلتا المصرية، فوق مطار المنصورة.

لم تكد أصوات المدافع تتوقف، ورائحة البارود تنقشع من فوق جبال سيناء بعد حرب أكتوبر 73، التى حققت فيها قواتنا المسلحة نصرًا عظيمًا، حتى أصدر الرئيس السادات قراره بالانفتاح العلمى والعسكرى على دول الغرب، بعد توقف امتد لأكثر من عشرين عامًا، منذ ثورة 52، نتيجة فرض الدول الغربية شروطًا لتقييد حجم وتسليح الجيش المصرى، وهى الشروط التى رفضها، بالطبع، الرئيس عبدالناصر، لتعارضها مع مبادئ الثورة بإنشاء جيش وطنى قوى.. وبناءً عليه اتجه مباشرة إلى الاتحاد السوفيتى وعقد صفقة الأسلحة التشيكية الشهيرة، ومن يومها أصبح الجيش المصرى يتبع العقيدة القتالية الشرقية، فكرًا وتسليحًا وأسلوبًا للقتال.

أعلى نصر أكتوبر المجيد من قدرة القوات المسلحة المصرية على فرض شروطها واختيار ما يناسبها، فقرر الرئيس السادات ضرورة دراسة العقيدة القتالية الغربية التى يتبعها العدو الإسرائيلى، بإرسال القادة والضباط إلى المعاهد العسكرية العليا فى الغرب، وتحددت أول بعثة إلى كلية كمبرلى الملكية بإنجلترا، ونظرًا لحصولى على المركز الأول فى التخرج فى كلية الأركان حرب المصرية، فقد تم اختيارى لحضور دورة الأركان حرب فى إنجلترا. وخلال عام ونصف من الدراسة، تعرفنا على الفكر العسكرى الغربى، وتعمقنا فى دراسته، نظريًا وعمليًا.

كان من ضمن مناهج الدراسة العملية أن تم تنظيم مشروع تدريبى مشترك مع كلية الأركان حرب الجوية البريطانية فى براكنل لمدة أسبوع، لنتعرف على أساليب قتال القوات الجوية، وآليات التعاون مع القوات البرية أثناء عمليات القتال. بدأت المحاضرات بالتعرف على نشأة وتطور القوات الجوية، إضافة إلى علم الطيران وتطوره.. بينما خُصص جزءٌ من المحاضرات لدراسة أهم المعارك الجوية والدروس المستفادة منها، نجاحًا أو إخفاقًا.

فإذا بى أُفاجأ بأن ظهر على شاشة العرض أول وأهم معركة جوية فى العصر الحديث، وهى «معركة المنصورة الجوية»، فشعرت بمزيد من الفخر وأنا أستمع إلى نظرة الغرب لهذه المعركة التى تعرضها أكبر كلية متخصصة فى الطيران الحربى فى العالم… تلك المعركة التى شهدتها سماء الدلتا المصرية يوم 14 أكتوبر 73، فوق مطار المنصورة العسكرى بين 200 طائرة حربية؛ 120 منها من أنواع الفانتوم وسكاى هوك والميراج 2000، تابعة للعدو الإسرائيلى، و80 طائرة حربية مصرية من طراز ميج 21 وسوخوى 7 والميراج 2000. دارت هذه المعركة لمدة 53 دقيقة، لتسجل كأطول وأعنف وأشرس معركة جوية فى التاريخ العسكرى الحديث، ورغم التفوق العددى والنوعى لطيران العدو، إلا أن حجم الخسائر بين صفوفهم وصل إلى 17 طائرة إسرائيلية، بينما خسرت مصر خمس طائرات، اثنتان منها بسبب نفاد الوقود.

حظيت هذه المعركة باهتمام الدوائر العلمية حول العالم، لعدة أسباب: أولها، لأنها كانت المرة الأولى التى يدور فيها قتال جوى مباشر بين طائرات روسية الصنع وطائرات غربية الصنع. والسبب الثانى أنها أول معركة جوية تستخدم فيها أسلحة إلكترونية حديثة وأسلحة إلكترونية مضادة، خصوصًا التشويش على رادارات الطائرات من كلا الجانبين. أما السبب الثالث فلأنها أبرزت كفاءة عناصر التوجيه الأرضى فى غرف عمليات المطارات المصرية والإسرائيلية، كما بزغت فيها كفاءة الأطقم الأرضية، خاصة على الجانب المصرى، التى نجحت مع هذا الكم من الطائرات فى الجو طوال مدة المعركة فى إتمام مهمتها على أكمل وجه؛ مثل إعادة تزويد الطائرات المصرية بالوقود، وإعادة تسليحها، والتأكد من السلامة الفنية للطائرات.

كما كان لاشتراك 4 مطارات حربية مصرية فى هذه المعركة الفضل فى رفع تقييم القوات المصرية، لصعوبة تنسيق خروج الطائرات من تلك المطارات وتوقيتات الاشتباك الجوى والعودة بسلام، خاصة أن معظم الطائرات فى الدلتا متقاربة بعكس الطائرات الإسرائيلية، كانت بعيدة، الأمر الذى يسهل السيطرة عليها.

وكان للخبرة المتراكمة للقوات الجوية المصرية فى التعامل مع قوات العدو خلال حرب الاستنزاف الفضل فى التفوق الفكرى فى فهم لغة الخصم، حيث كان الفكر الإسرائيلى الجوى يعتمد، دومًا، على الهجوم من خلال ثلاث موجات؛ تكون مهمة الموجة الأولى إغراء المقاتلات المصرية واستدراجها لاتجاهات بعيدة عن الأهداف المكلفين بالدفاع عنها، أما الموجة الثانية فكانت هى القوة الأساسية المكلفة بالهجوم على الرادارات ووحدات الدفاع الجوى المصرى من الصواريخ والمدفعية، بينما تختص الموجة الثالثة بضرب الأهداف المحددة لها كتدمير القواعد العسكرية المصرية، لإفقاد القوات الجوية المصرية توازنها وقدراتها القتالية.

Email:f [email protected]

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

ظواحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

 

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

 

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم