تعد زيارة يسوع المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر حدثًا جللاً في التاريخ المصري.
وتبدأ القصة بخبر أعلنه مجموعة من الحكماء بأن يسوع سيكون الملك القادم لليهود. وهو ما أوغر عليه صدر الملك هيرودس (حاكم اليهودية في ذلك الوقت) الذي تهدد بذلك الخبر ملكه ودفعه لاتخاذ قرار بقتل يسوع.
رحلت العائلة المقدسة عن بيت لحم متجهة إلى مصر بعد ما جاء ملك من السماء إلى يوسف النجار لينذره، داعيًا إياه إلى الرحيل مع يسوع ومريم العذراء. وقد بدأت العائلة المقدسة رحلتها عبر جنوب سيناء وصولاً إلى الفرما.
وكل مكان حلوا به في طريقهم أصبح اليوم كنيسة أو ديرًا.
كانت الوجهة التالية لهم في رحلتهم تل بسطا، حيث أتى يسوع بمعجزة.
فقد حلت بركته بالمكان ففار من الأرض الجدباء ينبوع ماء.
وصلت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى مسطرد، والتي عرفت كذلك بالمحمة، أي مكان الاستحمام. وقد أُطلق ذلك الاسم على المكان بعد أن اغتسل الطفل يسوع فيه على يد مريم العذراء والتي غسلت ثيابه كذلك.
توجهت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى بلبيس حيث استظلوا بشجرة جميز، سميت بعد ذلك “شجرة مريم العذراء”.
ثم اجتازوا نهر النيل إلى مدينة سمنود، حيث أنبع يسوع عين ماء أخرى. وبينما هم في سخا، يقال إن يسوع مس حجرًا فتفجر منه ماء عذب.
يممت العائلة المقدسة بعدها وجهها غربًا إلى وادي النطرون. فكان ذلك الوادي المهد الأول للرهبانية في العالم، حيث يتطهر الناس وينقطعون لعبادة الرب.
وصلت العائلة المقدسة في نهاية المطاف إلى حي المطرية وعين شمس بمدينة القاهرة فأنبع المسيح فيها عين ماء وباركها. وغسلت مريم العذراء ملابس المسيح في هذه البقعة ثم صبت الماء على الأرض فأنبتت شجرة بلسم. وتستخدم خلاصة البلسم في إعداد الميرون المقدس.
توجهت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى مصر القديمة حيث سكنت في مغارة. وفي ذلك الموقع بعد تلك الأحداث بسنوات بُنيت كنيسة أبي سرجة، على أطلال حصن بابليون. وقد أصبحت المنطقة بأسرها قبلة للمريدين من المصريين والمسيحيين من كافة أرجاء العالم. ثم انتقلت العائلة إلى حي المعادي،
حيث بُنيت كنيسة السيدة العذراء مريم على شاطئ النيل. ومن هذا المكان رحلت العائلة المقدسة على متن قارب نحو الجنوب. توجهت العائلة المقدسة إلى المنيا ليعبروا نهر النيل من هناك إلى ضفته الشرقية.
ويقع هناك دير العذراء مريم أعلى جبل الكف، حيث يُعتقد أن كف المسيح قد انطبعت على صخرة من صخور هذا الجبل. ومن هذا المكان اجتازت العائلة المقدسة نهر النيل عائدة إلى ضفته الغربية، إلى جبل قسقام بمحافظة أسيوط. ومكثت العائلة هناك لأكثر من ستة أشهر،
وهي أطول فترة قضوها في أي مكان في مصر. وفي هذه المنطقة تم بناء دير المحرق. ولاحقًا أتي ملاك إلى يوسف النجار في الحلم ليخبره بالعودة إلى فلسطين بعد موت الملك هيرودس. في رحلة عودتها إلى فلسطين سلكت العائلة المقدسة نفس المسار تقريبًا بعد أن قضت في مصر ثلاث سنوات تقريبًا.