تفتقر المكتبة العربية والمشروعات البحثية الأكاديمية لدراسات حقيقية تؤكد الأعتبار للجهود النسائية التي بذلت عبر تاريخ طويل من أجل تقديم صحافة حقيقية قادرة علي المنافسة في عالم عرف بأنه ظل طويلا حكرا علي الرجال ، حتي أتت السيدة فاطمة اليوسف والتي اشتهرت باسم روز واصدرت مجلتها الشهيرة روزاليوسف قبل ثورة 52 من القرن الماضي بمصر ،وظلت ترأس تحريرها لفترة طويلة قبل أن تترك الموقع لتلميذها النجيب احمد بهاء الدين قبل أن يكمل عامه الثلاثين .
بعد عام 52 تقلدت السيدة أمينة السعيد منصب رئيس تحرير مجلة المصور وظلت بموقعها حتي رحيلها .
لكن لم يسجل التاريخ أن صحيفة يومية مصرية تقلد منصب رئيس تحريرها شخصية نسائية ، رغم وجود العديد من الكفاءات التي كانت مؤهلة لتولي الموقع ،الا أنه ظل حكرا للرجال ، ولم يقف الأمر عند حدود الدولة المصرية ،بل تخطاه لمعظم الدول العربية أن لم يكن كلها . فلم نعرف يوما أن صحيفة يومية قد أسند أمر تحريرها لسيدة ، ربما شفقة عليها من الجهد المبذول علي مدار الساعة بلاانقطاع ،او ربما لعدم بزوغ نجم أمراة تملك قدرات خاصة تؤهلها لمنافسة الرجال .
حتي اتي أمر تكليف الكاتبة الصحفية الإماراتية مني بوسمره في مارس عام 2013 برئاسة تحرير صحيفة البيان والتي تصدر منذ زمن بعيد من أمارة دبي وتعتبر الصحيفة الرسمية التي تحمل وجهات نظر وسياسات القائمين علي إدارة الإمارة التي باتت واحدة من أكثر الأماكن إضاءة وتقدما علي مستوي العالم بفضل الإدارة الطموحة والمتطورة للشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي .

اتت مني بوسمره لموقعها وهي تعلم أنها مقدمة علي السباحة في محيط متلاطم الأمواج ،وهي رغم اجادتها للسباحة الفكرية وللمساجلات ، وتوافر قدرة كبيرة ومتجددة علي انتاج الأفكار وصياغة الرؤي،الا أنها لم تركن فقط لقدراتها الخاصة التي أهلتها لتولي موقعها , بل كانت من البداية مؤمنة بأن انتاج الصحيفة نتاج لعمل جماعي خلاق ،وان مهارات القائد تتجلي في قدرته علي توظيف كل الطاقات التي تعمل تحت إدارته من أجل الخروج في النهاية بمنتج متميز قادر علي المنافسة في عالم شديد التشابك بالغ الصعوبة .
تبدو تجربة مني بوسمره في إدارة صحيفة البيان بحاجة لدراسة أكاديمية متخصصة تؤرخ بشكل علمي وتفصيلي لما تم بالبيان من تطور عبر قرابة عشر سنوات ،دراسة متأنية ،تحليلية ، تناقش ماتم من إنجاز مكتوب خلال هذه السنوات . دراسة تؤكد علي قيمة الجهد الذي نجحت في تقديمه سيدة متطورة لم يدفعها للأمام سوي تميزها ولم يحافظ علي بقائها في موقعها سوي قدرتها علي التجدد والابتكار



