دفعت المنازعات العمالية ونقص الموظفين في المطارات الأوروبية إلى البحث عن مزيد من العاملين والسعي إلى خفض عدد الرحلات الجوية الملغاة وتقليل المشكلات التي تواجه المسافرين خلال موسم الصيف المزدحم.
ونفذ العاملون في مطار شارل ديجول الفرنسي إضرابا من أجل زيادة الأجور، وتم إلغاء ربع الرحلات الجوية، ومن المتوقع أن يتسبب إضراب عدد كبير من العاملين بالمطار في حدوث تأخير للركاب الذين لم يتم إلغاء رحلاتهم.
وعلى الرغم من أن الإضراب لم يمتد إلى مطار أورلي، إلا أنه من المحتمل حدوث بعض الاضطرابات هناك. وقد ألغت شركة إير فرانس 85 رحلة قصيرة ومتوسطة أمس، بسبب إضراب العاملين في المطار. وتطالب النقابات الفرنسية التي تنظم الإضراب في الصالة رقم 2 بالمطار بزيادة فورية بواقع 300 يورو.
ووفقا لـ”رويترز”، تركت طواقم من شركات الطيران منخفض التكلفة، رايان إير وإيزي جت وفولوتيا في إيطاليا، العمل، أمس الأول. إذ تعتزم أطقم الضيافة في رايان إير تنفيذ إضراب في أوروبا هذا الصيف بعد انتهاء المحادثات مع نقابتين إسبانيتين، وفقا لبيان صادر عنهما.
ويكافح مديرو المطارات من أجل سرعة تعيين موظفين جدد، حيث يؤدي انتعاش السفر الجوي بعد الركود الناجم عن الجائحة إلى إلغاء رحلات وطوابير طويلة تستغرق عدة ساعات.
وكانت شركات الطيران، التي تضررت من تراجع السفر خلال الجائحة، تعتمد على انتعاش السفر في الصيف، إذ ارتفعت الأسعار لتعويض زيادة تكاليف الوقود. كما تعتمد بعض الدول على السياحة لإنعاش الاقتصادات المتضررة بشدة.
وقال رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي إن الازدحام الشديد حدث أيضا قبل الجائحة، وهو يقتصر الآن على مطارات معينة، وتفاقم بسبب التأخير في الحصول على الشارات الأمنية المطلوبة للموظفين المعينين حديثا.
وفي أمريكا الشمالية، قالت توري جاس المتحدثة باسم هيئة مطارات تورنتو الكبرى إن أكثر المطارات ازدحاما في كندا يسمح لبعض الموظفين الذين لم يحصلوا بعد على شاراتهم بالعمل مؤقتا تحت إشراف موظفين معتمدين.
أضافت جاس أن التصريح المؤقت الذي جرى العمل به في الآونة الأخيرة في مطار تورنتو بيرسون الدولي جاء استجابة للحجم الكبير من طلبات الحصول على بطاقات هوية للمناطق المحظورة. ويستغرق الحصول على هذه البطاقات نحو 45 يوما.
وقالت هيئة النقل الكندية إنها تلقت 13722 طلبا على مستوى البلاد للحصول على تصاريح مطلوبة للموظفين في الربع الأول من 2022، ارتفاعا من 5968 طلبا خلال الفترة نفسها في 2021.
وفي أوروبا، يوظف مطارا دبلن وهيثرو مراقبين، بينما يرفع مطار سخيبول في أمستردام أجور الموظفين.
وأعلنت إسبانيا الثلاثاء تعيين 500 شرطي إضافي للعمل في مراقبة جوازات السفر في المطارات المزدحمة والوجهات السياحية ومنها مدريد.
وأرجع وزير الداخلية الإسباني أنباء الازدحام عند نقاط المراقبة الحدودية إلى وصول رحلات جوية متعددة في الوقت ذاته. لكن الاتحاد الإسباني للفنادق وإقامة السياح، وهو أكبر مجموعة لأعمال الفنادق في البلاد، قال إنه كان من الممكن تجنب هذا التأخير لأنه مرتبط بانتهاء السفر المجاني للمواطنين البريطانيين إلى إسبانيا بسبب خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.
وقال خورخي ماريكال رئيس الاتحاد في بيان “هذا الوضع لا ينبغي أن يفاجئنا”.
من جهة أخرى، أكد مركز أبحاث أن هناك حاجة إلى سياسات عامة “سريعة وجريئة ومستدامة” لضمان تطابق وتيرة إزالة الكربون في قطاع الطيران.
واعتبر المجلس الدولي للنقل النظيف (آي سي سي تي) في دراسة أن انبعاثات قطاع الطيران بالأرقام المطلقة يجب أن تبدأ في الانخفاض قبل نهاية العقد، وإذا أمكن قبل 2025، للبقاء “ضمن هوامش” اتفاق باريس المناخي الموقع في 2015.
ووضع المجلس ثلاثة سيناريوهات، أولها “سيناريو أساسي” لا يتم فيه اتخاذ أي إجراء، ما يعني انبعاثات لقطاع الطيران قدرها 48.6 جيجاطن من ثاني أكسيد الكربون بين 2020 و2050، وبالتالي مسار احترار قد يتجاوز درجتين مئويتين، الحد الأقصى الذي حددته القمة المناخية “كوب21”.
وباستثناء الحد بشدة من نمو حركة الملاحة الجوية أو الشروع في عمليات احتجاز الكربون، لا يتوقع أي من سيناريوهات “آي سي سي تي” انخراط قطاع الطيران في مسار حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الأكثر طموحا بموجب اتفاق باريس.
لكن إذا تم اتخاذ أكبر قدر من التدابير، مثل الاستخدام المكثف لوقود الطيران المستدام المطور من الكتلة الحيوية أو بالاعتماد مستقبلا على مزيج من ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين “الأخضر”، فإن “ميزانية الكربون” للطيران في الفترة ما بين 2020-2050 يمكن أن تتراجع إلى 22.5 جيجاطن، بما يتوافق مع احترار بواقع 1.75 درجة مئوية، حسب تقديرات “آي سي سي تي”.
وستكون “التدخلات السريعة والقوية والمستدامة” من الحكومات ضرورية في حال اعتماد هذا النموذج، “لإطلاق استثمارات ضخمة في أجهزة ووقود عديمة الانبعاثات”.
وفي هذه الحالة، في 2050، “ستنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (من الهواء) بنسبة 94 في المائة مقارنة بمستويات 2019”.
وأيدت شركات الطيران المنضوية ضمن الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”، هدف بلوغ “صافي الانبعاثات الصفرية” بحلول 2050.
من ناحية أخرى، لا تخطط شركات الطيران لتقليص حركة الملاحة أو على الأقل الحد من نموها، وفق ما تطالب بعض المنظمات غير الحكومية: فهي تخطط لنقل عشرة مليارات مسافر في منتصف القرن الـ21، مقارنة بـ4.5 مليار في 2019، قبل الأزمة الصحية العالمية.