أخبارشئون مصريةمنوعات

“اللواء الدكتور سمير فرج “يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : يجب أن نتذكر دائماً الخامس من يونيو !!

في يوم 2 يونيو، 2022 | بتوقيت 7:23 مساءً

الخامس من يونيو … الذي يمثل لي، ولجيلي، ولأجيال لاحقة من المصريين، أسوأ ذكرى عسكرية وسياسية لمصر، في العصر الحديث، ذلك اليوم، من عام 1967، الذي شنت فيه إسرائيل هجومها على ثلاث دول عربية؛ مصر والأردن وسوريا، وأطلقت عليها إسرائيل “حرب الأيام الستة”، بعدما ألحقت الهزيمة، بتلك الدول، في ستة أيام، بينما أُطلق عليها العرب “نكسة 67″، إذ نتج عنها احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء المصرية، وقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية، والضفة الغربية بالأردن، وهضبة الجولان بسوريا.

ولقد عاهدت نفسي، أن أظل اكتب عن هذا اليوم، وتلك الحرب، طالما بقيت على قيد الحياة، لكي تتعلم الأجيال القادمة، عظات المأساة التي عاصرناها، وكيف أن تلك الهزيمة تحولت إلى نصر مبين، بفضل شعب مصر وجيشه عظيم، اللذان أدارا معارك شرسة، لمدة 6 سنوات، هي عمر حرب الاستنزاف، واختتماها بنصر تاريخي في حرب أكتوبر 1973.

بدأت الأحدث في الأول من مايو من عام 1967، حين صرح ليفي أشكول، رئيس وزراء إسرائيل، بأن بلاده سترد بقوة على استمرار العمليات الفدائية الفلسطينية ضد إسرائيل، وعلى أثر ذلك أعادت مصر وسوريا تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بينهما، وفي 16 مايو أعلنت سوريا، من خلال مندوبها في مجلس الأمن، أن إسرائيل تُعد هجوماً على أراضيها، لتعلن مصر، بعدها، حالة الطوارئ. وفي 17 مايو طالبت مصر بسحب قوات الطوارئ الدولية، فأعلنت إسرائيل، بدورها، حالة الطوارئ، في 20 مايو، واستدعت قوات الاحتياط، بعدما دفعت مصر بقوات عسكرية، كبيرة، إلى شبه جزيرة سيناء. وفي 22 مايو، أغلقت مصر مضيق تيران، الواقع تحت إدارتها، أمام الملاحة الإسرائيلية. وفي 29 مايو، وبطلب من مصر، انعقد مجلس الأمن، وخلال جلسته أعلن مندوبنا، أن مصر لن تكون البادئة بأي عمل عسكري ضد إسرائيل. وفي يوم 31 مايو، زار الملك حسين القاهرة، طاوياً خلافاته مع الرئيس عبد الناصر، ووقع على اتفاقية الدفاع المشترك، لتنضم الأردن إلى مصر وسوريا.

وفي صباح يوم 5 يونيو 67، نفذت إسرائيل ضربة جوية ضد الطائرات والقواعد الجوية المصرية والرادارات، تمكنت بها من إخراج القوات الجوية المصرية من المعركة، بعدما دمرت ممرات الإقلاع والهبوط باستخدام قنابل حديثة، وهو ما تم بالتزامن مع تنفيذ ضربات جوية، أخرى، ضد سوريا والأردن، لتسيطر القوات الجوية الإسرائيلية، بهذه الضربات، على سماوات تلك الدول الثلاث. واستغلالاً لعدم وجود غطاء جوي للقوات العربية، بدأت إسرائيل هجومها البري باتجاه سيناء، فاستولت على قطاع غزة، واتبعته بالاستيلاء على سيناء بالكامل. كما شنت هجوماً برياً على الضفة الغربية بالأردن، حتى وصلت إلى نهر الأردن، وأغلقت الجسور العشرة الواصلة بين الضفة الغربية والأردن، وفي سوريا، تم الاستيلاء على هضبة الجولان بالكامل، وهكذا احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان والقدس الشرقية.

لم تمح الأيام أدق تفاصيل تلك الأيام الأليمة من ذاكرتي، فقد كنت واحداً من ضباط إحدى كتائب المشاة، على خط الحدود، في منطقة الكونتيلا، وبعد الضربة الجوية، يوم 5 يونيو، صدرت لنا الأوامر بالانسحاب غرباً، نحو مدينة نخل، ومنها إلى ممر متلا، الذي كان مصيدة للقوات المسلحة المصرية، بطول 32 كم، إذ دمرت فيه قوات العدو الإسرائيلي مركباتنا، واضطررنا للعودة، سيراً على الأقدام، في اتجاه قناة السويس، بينما الطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية، تحلق على ارتفاع منخفض، من فوقنا، وتطلق نيرانها على رجال قواتنا المسلحة، العُزّل، فيستشهدون أمام أعيننا.

وبفضل من الله، واستجابة منه لدعوات أمي، رحمها الله، نجوت أكثر من مرة من هجوم تلك الطائرات، ووصلت لقناة السويس، يوم 9 يونيو، فيما أعتبره أحد أسوأ أيام حياتي؛ فبعد تلك الأيام العصيبة، وإذ أن واقف على الضفة الغربية للقناة، رأيت العلم الإسرائيلي مرفوعاً على ضفتها الشرقية، على بُعد 200 متر مني، هي عرض القناة، ورأيت أنقاض قواتنا المدمرة في سيناء، ثم وفي الساعة الخامسة، خرج علينا الرئيس عبد الناصر، في الإذاعة، معلناً تنحيه عن رئاسة الجمهورية، في لحظة قاتمة من تاريخ مصرنا الحبيبة.

ولكن بعزيمة الجيش المصري الباسل، وبصلابة الشعب المصري العظيم، تم إعادة بناء الدفاعات على قناة السويس، لمنع إسرائيل من عبورها، وتهديد العاصمة، كما أُعيدت هيكلة القوات المسلحة المصرية، وعُين الفريق محمد فوزي وزيراً للحربية، والفريق عبد المنعم رياض رئيساً للأركان، اللذان أشرفا على إعادة تسليح قواتنا المسلحة بأحدث الأسلحة، مع إتمام التدريب عليها. وخلال 6 سنوات، أثناء حرب الاستنزاف، قام الجيش المصري بالتجهيز والتحضير للخطة الهجومية، لاقتحام قناة السويس، وتدمير خط بارليف، وهو ما تضمن إخلاء ثلاث مدن في منطقة القناة من سكانهم لتأمينهم، وهم بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وضمهم لمناطق العمليات العسكرية. كما نجح في بناء حائط الصواريخ، الذي كان له الفضل في منع القوات العدو الإسرائيلي من التدخل أثناء عملية اقتحام قناة السويس.

وخلال نفس فترة الاستنزاف، وبالتزامن مع إعادة هيكلة وتسليح قواتنا، استمر الجيش المصري في تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة ضد إسرائيل، سُطرت تفاصيلها بأحرف من نور في صفحات تاريخنا العسكري، كان منها إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، أمام سواحل بورسعيد، والغواصة دافار، أمام سواحل الإسكندرية … حتى حل يوم السادس من أكتوبر من عام 1973، ونجحت مصر في محو هزيمة 67، وأصبح السادس من أكتوبر رمزاً للعزيمة والإرادة والصلابة والنصر.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم.