أخبارمنوعات

” اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : هل تحولت الحرب الروسية الأوكرانية الي حرب بالوكالة؟!

في يوم 13 مايو، 2022 | بتوقيت 3:06 مساءً

جاء قرار الولايات المتحدة الأمريكية بدعم أوكرانيا بمبلغ 40 مليار دولار مفاجئة للجميع وفي نفس التوقيت قام الرئيس الأمريكية جو بايدن بتفعيل آلية رمزية تعود للحرب العالمية الثانية وهي قانون ليندليز الذي تبناه الرئيس الاسبق فرانكلين روزفلت عام 1941، بهدف مساعدة أوروبا في مقاومة هتلر.

ويعطي الرئيس الأمريكي صلاحيات موسعة لدعم جهود الحرب في أوروبا علاوة علي الدعم العسكري الأمريكي الكبير لأوكرانيا مثل 1400 منظومة ستينجر و 7 آلاف منظومة جافلين مضادة للدروع ومئات من أنظمة الطائرات الدرونز وسبعة آلاف أسلحة صغيرة وأربعة رادارات ومركبات مدرعة متعددة الأغراض، وأجهزة رؤية ليلية و 45 ألف خوذة وواقي.

كما تعمل الولايات المتحدة حالياً بكل الطرق علي اتخاذ أوروبا قرار موحد ضد فرض الحظر علي النفط الروسي ولكن هذا الإجراء قد قوبل بالرفض من بعض الدول الأوروبية التي تعتمد تماما علي النفط الروسي وخاصة المجر التي أعلنت عدم موافقتها علي ذلك القرار كذلك سلوفاكيا وبلغاريا .

حيث تسعي هذه الدول الرافضة علي ضمان وسائل بديلة وضمانات تمويل من الإتحاد الأوروبي لبناء خطوط أنابيب جديدة أو بناء محطات إسالة عند استيراد الغاز من مصادر أخري.

وهكذا تعمل الولايات المتحدة الأمريكية بكل طاقتها لتدعيم أوكرانيا في المجال العسكري والاقتصادي للوقوف أمام القوات الروسية المهاجمة وهناك إتجاه آخر تدعم به الولايات المتحدة أوكرانيا هو إمدادها بالمعلومات الكاملة والتفصيلية.

والأكثر من ذلك أن الولايات المتحدة تقدم تحليلات هذه المعلومات بمعني معلومة عن وجود كتيبة مدرعات روسية في ذلك المكان ونوعية هذه الدبابات ثم تقدم للجانب الأوكراني احتمالات عملها والتوقيت المنتظر.

وهذه المعلومات هامة للغاية لأنها كلما كانت المعلومات صحيحة كان القرار صحيح، ولعل ما تم ذكره من أن الولايات المتحدة قدمت لأوكرانيا معلومات عن الطراد الروسي موسكوفا الذي دمرته أوكرانيا كان أبسط دليل علي ذلك رغم محاولة أمركيا نفي ذلك الخبر لكن من المؤكد أن هناك معلومات كثيرة ذات قيمة كبيرة من الدقة والتحليل تقدمها أمريكا الي أوكرانيا في مجال إدارة القتال.

كذلك بدراسة نوعية الأسلحة التي تقدمها أمريكا الي أوكرانيا نجد أنها أسلحة دفاعية يكون الهدف منها اطالة زمن الحرب ولم نري قيام أمريكا مثلا بإمداد أوكرانيا بطائرات مقاتلة مثل ميج29 من الدول التي تمتلك هذا النوع من الطائرات أو وسائل دفاع جوي ضد الصواريخ البلاسيتية الروسية التي تحدث خسائر كبيرة في القوات الأوكرانية كل يوم.

لذلك يأتي هذا المفهوم الأمريكي من امداد أوكرانيا بأسلحة دفاعية فقط هو إطالة زمن الحرب وكلما زاد زمن الحرب تحملت روسيا أعباء اقتصادية كبيرة وهذا هو هدف أمريكا إضعاف العدو الرئيسي لها روسيا اقتصاديا.

وبعدها يحدث التذمر في الشارع الروسي ضد رئيسه بوتن بسبب التضخم وارتفاع الاسعار كذلك كلما زادت مدة الحرب زاد حجم التدمير في المدن الأوكرانية وبالتالي يزيد حجم الكره من الشعب الأوكراني لروسيا .

وهو الأمر الذي حاول الرئيس بوتن في البداية تجنبه حيث قال أن الشعب الأوكراني هو جزء من الشعب الروسي وأننا أخوة وسوف نحافظ علي تلك المشاعر .

ولكن للأسف بدأ بوتن يفقد تعاطف الشعب الأوكراني بل انقلب الي كره شديد خاصة أن النساء والأطفال يتركون منازلهم كمهاجرين الي مناطق بعيدة .

كذلك تعمل أمريكا علي زيادة التباعد الروسي مع باقي دول أوروبا وخاصة الدول المحايدة مثل فنلندا والسويد حيث اشعرت أمريكا الجميع أن مصير هذه الدول سيكون مثل أوكرانيا.

ومن هنا بدأت هذه الدول في التفكير الي الانضمام الي حلف الناتو بهدف ضمان الأمن والأمان بعيداً علي بوتن وروسيا وهذا يعني مستقبلا نجاح الولايات المتحدة الامريكية في اضافة مزيد من الدول المحيطة بروسيا وقد اصبحت تكن لهم العداء بل انضمت لحلف الناتو.

وفي الاتجاه الآخر تعمل الولايات المتحدة بقوة علي حرمان روسيا من أهم إنتاجها ومصدر رئيسي لدخلها القومي وهو الغاز الطبيعي لذلك تشجع كافة الدول الأوروبية التي تعتمد علي الغاز الطبيعي الروسي .

حيث تحصل أوروبا علي 40% من غاز روسيا كل ذلك بهدف إضعاف الاقتصاد الروسي ولأول مرة في التاريخ تقوم أمركيا بدفع 10% من احتياطي النفط الموجود لديها لدعم هذه الدول الأوروبية لمنعها من استيراد الغاز الروسي.

كذلك قام جو بايدن بطلب الامير القطري لدفعه علي تعديل العقود القطرية لتصدير الغاز الي الصين لكي يتم تحويلها الي دول أوروبا تعويضاً عن الغاز الروسي كما يدفع الرئيس الأمريكي الاتحاد الأوروبي لتعويض الدول الأوروبية التي تعتمد علي الغاز الروسي بدعم مالي مناسب.

وهكذا نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تحارب روسيا من خلال كل هذه الاتجاهات ومن هنا نقول أنها حرب بالوكالة Proxy Warfare هدفها الرئيسي إضعاف قوة روسيا الاقتصادية وبالتالي تتوقف روسيا عن تطوير أسلحتها ومعداتها العسكرية خاصة أن روسيا فاجئت الجميع في هذه الحرب بأنواع جديدة من الصواريخ البلاسيتية والفوق صوتية ذات دقة عالية للغاية وكانت مفاجأة لكل الباحثين .

حيث قدمت روسيا في هذه الحرب أفكاراً عسكرية جديدة وهو التركيز علي الضربات الصاروخية بدلا من الاعتماد الرئيسي علي الضربات الجوية الأمر الذي كان سائداً من قبل في الفكر العسكري في العالم.

ومن هنا جاء الفكر الروسي من تطوير هذه الأنواع الجديدة من الصواريخ وهذا بالطبع سوف يستدعي من الولايات المتحدة في الفترة القادمة تطوير أسلحتها المضادة للصواريخ الروسية الجديدة بدلا من نظام الباتريوت المعمول به حاليا في الترسانة العسكرية الأمريكية.

وعلي الطرف الآخر اعتقد أن روسيا ورئيسها بوتن يتفهم هذا الموقف تماماً ويعلم أن هدف أمريكا هو إطالة زمن الحرب لاستنزاف الاقتصاد الروسي لذلك فهو يعمل حاليا علي سرعة الاستيلاء علي اقليم مومباسن والاستيلاء علي ميناء أوديسا بذلك يكون قد حرم اوكرانيا من موانئها علي بحر آزوف والبحر الأسود وهي ضربة قوية للغاية .

بعدها من المنتظر لبوتن أن يوقف القتال ويبدأ في التفاوض مع أوكرانيا وهو في موقف قوي للغاية حيث تكون مطالب بوتن الخمسة هي ضمان حياد أوكرانيا وثانياً تعهد أوكرانيا بعدم الانضمام الي حلف الناتو وأي حلف عسكري مع الغرب وثالثاً عدم امتلاك أوكرانيا للسلاح النووي ورابعاً اعتراف أوكرانيا بحق روسيا في شبه جزيرة القرم وخامساً اعتراف أوكرانيا باستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك.

هذه الشروط الخمسة لبوتن حيث سيطالب الرئيس الأوكراني أن يوقع عليها والسؤال هنا هل ستوافق أوكرانيا علي ذلك وبالتالي هل ستسمح الولايات المتحدة علي قبول أوكرانيا هذه المطالب وتوقف القتال هذا ما ستظهره لنا الأيام القادمة.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.23

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم.