ونحن في هذه الأيام المباركة و مع تباشير أيام العتق من النار يتسابق الكثير من الناس لقراءة القران ويتباهون فيما بينهم بإعداد ما تم ختمه من المرات خلال الشهر الكريم.
القران كلام الله عز وجل انزل ليعمل به الناس ويكون دستور ومنهاج حياة لهم وقراءة القران قربة وطاعة من أحب الطاعات إلي الله سبحانه وتعالي – ولكن مما لاشك فيه أن القراءة بغير فهم ولا تدبر مخالف للقصد من القراءة وهو تدبر معاني القران وفهمها واستيضاحها لمعرفة أسراره وحكمه.
ولقد قال الله تعالي في كتابه الكريم ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب ” –(29 )سورة ص.
وقد أشار الله سبحانه وتعالي إلي الذين لا يتدبرون القران ولا يدركون معانيه فقال سبحانه وتعالي “أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ” (82 ) سورة النساء.
ومما أشار إليه الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم “إصلاح ذات البين ” وهو إفشاء المحبة بين الناس بعضهم البعض.
وقد ورد عن آبي الدرداء –رضي الله عنه قال :قال رسول الله –صلي الله عليه وسلم–” ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلي- قال إصلاح ذات البين –وفساد ذات البين هي الحالقة ” أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود .
فالإخوة والمحبة في سبيل الله دون غرض شخصي أو مصلحة عامة أو خاصة لهي مطلب إيماني وواجب أخلاقي وفائدة اجتماعية تزيد الوئام والتآخي بين أفراد المجتمع وبين المجتمعات بعضها البعض – والقران الكريم يؤكد علي الإخوة.
ولعل من ابرز الحقوق وواجبات الإخوة في الله هو حق إصلاح العلاقة وصفاء النفس وتخليتها من الخلافات والمفسدات كقول الله سبحانه وتعالي ” إنما المؤمنون إخوة ” ( 10 ) سورة الحجرات .
فإخوة الإيمان هي الإخوة الحقيقية التي يجب أن يحرص عليها كل إنسان مسلم وغير المسلم وإذا حدث خلاف أو تكدرت النفس -لا قدر الله – فلابد من السعي علي الإصلاح بين الناس وجعل الله لذلك أجرا عظيما يفوق اجر الصوم والقيام فيقول تعالي في كتابه الكريم ” إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ” فثواب المصالحة يفوق ثواب العبادات.
وكما أن الإصلاح بين الناس مهم والمصلح له ثواب كبير فان المفسد بين الناس والذي يزرع الضغينة والبغضاء ويوجد بينهم الفتن وانعدام الثقة بين بعضهم البعض ويحدث الاضطراب في معايشهم فان الله يحبط عمله ويبطل سعيه ويهلكه الله بالغا ما بلغ رصيده من الحسنات لقوله تعالي ” وقدمنا ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا ” (23 )سورة الفرقان.
ولا ريب أن الخلاف و الشقاق من اخطر أسلحة الشيطان التي يوغر بها صدور بني ادم ليتفرقوا ويتنافروا ويتخاصموا وقد اهتم الإسلام باحتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وذلك لأنهم بشر يخطئون ويصيبون ويصعب أن تتفق الآراء أو تتوحد الاتجاهات دائما والإسلام دين يدعوا إلي المحبة والتصالح ويسعي له وينادي إليه –وليس ثمة خطوة طيبة أحب إلي الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين أو يقرب بين فيها بين قلبين فبالإصلاح تكون الطمأنينة والاستقرار والأمان وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة بين البشر.