آثار ومصرياتأخبارمنوعات

“الدكتور محمد عبد اللطيف” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات بعنوان” منارات إسلامية فى البلاد العربية” : الجامع المنصورى فى مدينة طرابلس فى لبنان

في يوم 26 أبريل، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

الجامع المنصورى فى مدينة طرابلس فى لبنان  يسمى هذا المسجد باسم الجامع المنصورى الكبير وذلك لأنه أكبر جوامع مدينة طرابلس فى لبنان كما أنه أيضاً أقدم جامع قام ببنائه المماليك فى هذه المدينة العريقة ، وينسب هذا الجامع إلى السلطان المملوكى العظيم المنصور قلاوون على الرغم من أن الذى أمر ببنائه هو ابنه السلطان خليل بن المنصور قلاوون والملقب بالملك الأشرف ويرجع ذلك إلى أن مدينة طرابلس كانت أسيرة فى قبضة الصليبيين ولكن تم تحريرها وإنقاذها منهم على يد المنصور قلاوون ومن هنا كانت نسبة الجامع إليه اعترافاً بفضله وتخليداً لذكراه ولهذا يطلقون عليه اسم الجامع المنصورى الكبير.

وفى الحقيقة فإن مدينة طرابلس هى إحدى المدن الرائعة فى شمال لبنان والتى تطل على ساحـل البحــر الأبيض المتوسط وقد تم فتحها على يد سفيان بن مجيب الأزدى فى عام 25 هـ/ 645م ومن يومنا أصبحت إحدى ركائز الدولة الإسلامية على ساحل البحر المتوسط حتى أصابها ما أصاب كثير من البلاد والمدن الإسلامية فى الشام بدخول الصليبيين إليها وذلك فى عام 502 هـ/ 1108م

الجامع المنصورى فى مدينة طرابلس لبنان

واستمرت هكذا لمدة مائة وثمانون عاماً حتى قيض الله لها رجلاً حكيماً شجاعاً وهو السلطان المنصور قلاوون – رحمه الله – الذى علم فى عام 688 هـ/ 1289م أن الصليبيين فى مدينة طرابلس قد نقضوا الهدنة وأخذوا جماعة من التجار المسلمين وغيرهم وأصبحوا أسرى حتى قرر الرجل وصمم على فتح طرابلس وتخليصها من الأسر ومن دنس الصليبيين مهما كلفه ذلك من ثمن ، فكون جيشاً ضخماً وسار إليها وحاصرها وهاجـم حصونها حتى أسـقطها ودخلها فاتحاً ومحرراً من جديد فى يوم الثلاثاء 4 من شهر ربيع الثانى عام 688 هـ/ 28 أبريل عام 1289م ومن يومها عادت طرابلس اللبنانية إلى ديار الإسلام عزيزة شامخة.

وبعد فتح طرابلس وجد المسلمون أن الصليبيين قد طمسوا هويتها الإسلامية ولهذا قرروا بناء الجامع المنصورى الكبيرى والذى أقيم على أنقاض إحدى الكنائس القديمة والتى لم يكن متبقى من بنائها سوى الباب الشمالى الذى استخدم فيما بعد كباب رئيسى للجامع ومن فوقه المئذنة الحالية وهى أيضاً من الأبراج الباقية من آثار الكنيسة القديمة ، والمئذنة الحالية يخيل للناظر أنها مربعة الشكل بينما هى مستطيلة وتتكون من أربع طوابق ويعلوها شكل يشبه القمع فى أسفله دائرة تحيط بالبرج الإسطوانى الذى يعلوه الشكل القمعى ، وهذا الجزء من المئذنة من البنايات الحديثة فى الجامع.

ويتميز الجامع المنصورى الكبير بأنه له بيت للصلاة يبلغ طوله حوالى واحد وخمسون متراً ونصف المتر وعرضه حوالى إحدى عشر متراً ونصف المتر وينقسم إلى ثلاثة أقسام الأوسط منها ينخفض فى أرضيته عن القسمين الجانبيين الأخرين كما يتميز الجامع بأن له محرابان فى بيت الصلاة أما منبر الجامع فهو قديم ويقترب تاريخ بنائه إلى تاريخ بناء الجامع نفسه فقد تم صنعه فى عام 726 هـ/ 1325م ويتميز هذا المنبر بزخارفه الإسلامية الدقيقة الجميلة كما حفرت عليه صورة تقريبية للكعبة المشرفة.

الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف
الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف، عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

بقلم

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بجامعة المنصورة

مساعد وزير الآثار السابق

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق

بالمجلس الأعلى للآثار