“الدكتور محمد عبد اللطيف” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات بعنوان” منارات إسلامية فى البلاد العربية” : مسجد أبو درويش بالأردن

مسجد أبو درويش بالأردن يوجد هذا المسجد الجميل بالعاصمة الأردنية مدينة عمّان ، وهذه المدينة من المدن القديمة التى ساهمت بقسط وافر فى تقدم الحضارة القديمة وقد كانت تسير بتاريخها العريق فى القدم فى ركب الحضارة الكنعانية.

وقد ورد اسمها فى التوراة باسم ربة عمون ومن أسمائها أيضاً مدينة المياه وأطلق عليها فى الفترة اليونانية الرومانية اسم فيلادلفيا ، ومن المعتقد أنها أيضاً مدينة كهف أهل الكهف الذى ثبت اكتشافه حديثاً قريباً منها ، وترجع بأقدم تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد حين كانت عاصمة مملكة عمون وهى تقع على رابية تدعى اليوم جبل القلعة تحيط بها الأودية من جميع جهاتها ما عدا مرتفع صغير يقع بالجهة الشمالية الغربية حيث يرتبط بها بجبل الحسين.

وقد كانت مملكة عمون تحيط بها الأسوار المنيعة والأبراج العالية وقد صمدت ضد الغزاة وارتد عنها كثير من الفاتحين ، كما كانت أيضاً دولة غنية قوية قد حصنت حدودها بالقلاع التى لا تزال آثارها ظاهرة حتى اليوم وقد كشفت حفائر هينة الآثار الأردنية عام 1960م جزءاً من السور القديم لمدينة عمّان مع مخطوطة حجرية بالخط الفينيقى يرجع تاريخها إلى سنة 825 قبل الميلاد.

أما بعد دخول الإسلام إلى بلاد الشام ومن بينها عمّان فقد كانت هذه المدينة ذات أهمية خاصة فى أيام حكم الأمويين ويدل على ذلك الآثار التى كشف عنها فى جبل القلعة ومنها القصر الأموى الذى يقع فى شمال المتحف الأثرى والبيوت الأموية والعملة التى عثر عليها بالإضافة إلى قطع كثيرة من الفخار والزجاج ، وفى زمن الدولة العباسية لم يكن نصيب مدينة عمّان بأقل منه زمن الدولة الأموية فالمسجد الحسينى الكبير فى عمّان كان عباسياً ، وقد بقيت منه واجهة مدخله والمئذنة الشمالية ،

أما فى العصر الأيوبى والمملوكى فقد اضمحلت عمان كما أنها أهملت زمن الدولة العثمانية وتحولت إلى قرية صغيرة على طريق القوافل ، ولكن فى عهد السلطان العثمانى عبد الحميد الثانى جاء الشراكسة من القفقاس وسكنوا عمان وجرش ووادى السير ، ثم أصبحت عمّان إمارة بعد الحرب العالمية الأولى وحكمها الأمير عبد الله بن الحسين ثم تحولت إلى مملكة منذ عام 1946م.

أما عن مسجد أبو درويش فهو يعد من أقدم مساجد عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية عمّان كما يعد واحداً من أجمل تلك المساجد ، ويحمل هذا المسجد طرازاً دمشقياً قديماً فى الزخرفة والشكل الخارجى ويستخدم فى بنائه لونين من الحجارة هما اللون الأبيض والأسود ، وقد تم بناؤه فى موقع متميز وبارز من جبل الأشرفية التابعة لعمّان الشرقية

واستطاع هذا المسجد بهذا الموقع الرائع أن يمكن رؤيته من جميع الأماكن والمناطق فى العاصمة الأردنية عمّان ، وقد قام ببناؤه رجل شركسى اسمه الحاج حسن مصطفى شركسى ويلقب باسم أبو درويش وقد كان هذا الرجل من قاطنى مدينة عمّان ولهذا فإن المسجد عُرف باسمه.