أخبارمنوعات

الإمارات تنتج الطاقة من نفايات الطعام

في يوم 5 أبريل، 2022 | بتوقيت 6:00 مساءً

نجحت دولة الإمارات عبر منظومة شاملة لإدارة النفايات، في استخدام بقايا ومخلفات الطعام لتوليد مواد عضوية بصيغتها الصلبة والغازية، وبحيث يتم استخدام هذه المواد المُعاد تدويرها كمصادر للطاقة والأسمدة وكمحسنات للتربة، لتبدأ دورة إنتاج الطاقة من جديد.

وعبر تكنولوجيا مطبقة للاستخدامات المنزلية والتجارية تقوم على استخدام أجهزة التخلص من بقايا الطعام، يمكن الحد من مخلفات المطبخ الناتجة عن الاستخدام المنزلي بنسبة تراوح بين 35  % إلى 40 %، ولتشكل البديل الفعال بيئياً عن نقل مخلفات الطعام إلى مقالب القمامة، خصوصاً أن الدراسات تشير إلى أنه يتم هدر ما يقرب من 38 % من المواد الغذائية التي يتم تحضيرها يومياً في الإمارات، وتقفز نسبة الهدر إلى نحو 60 % خلال شهر رمضان، كما تشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، إلى أن منطقة الشرق الأوسط تحتل الصدارة في إنتاج النفايات وتحديداً في هدر الطعام.

وتكشف التقديرات أن الشخص الواحد في دولة الإمارات ينتج نحو 2.7 كجم يومياً من النفايات (تزداد إلى 5.4 كجم يومياً خلال شهر رمضان) وبمعدل يومي يقارب ضعف ما ينتجه الفرد من النفايات في أوروبا، والذي يبلغ نحو 1.2 كجم من النفايات يومياً. كما تشير الدراسات إلى أن توفير هدر المواد الغذائية والنفايات العضوية التي يتم تحضيرها يحقق جدوى اقتصادية عن طريق إعادة تدويرها لإنتاج غاز الميثان الذي يتم تكثيفه وتجميعه ليتحول إلى غاز طبيعي لتشغيل المحطات وتشغيل السيارات وغير ذلك.

وعالمياً، تظهر بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن ما يقرب من ثلث الأغذية في العالم تتعرض للهدر سنوياً، ما يعادل نحو 1.3 مليار طن من الطعام، وتقدر تكلفة الغذاء المهدر سنوياً حول العالم بنحو تريليون دولار أميركي، في حين تقدر تكلفة التخلص من نفايات الطعام في جميع أنحاء العالم بنحو 410 مليارات دولار سنوياً. وإذا تم تقليل أو إنقاذ ربع الطعام فقط الذي يتم إهداره حالياً في العالم، فسوف يكون ذلك كافياً لإطعام نحو 870 مليون شخص جائع في مختلف أنحاء العالم.

تشغيل مصباح «ليد» لمدة 17 ساعة باستخدام طاقة إعادة تدوير رطل واحد من الطعام
تشغيل مصباح «ليد» لمدة 17 ساعة باستخدام طاقة إعادة تدوير رطل واحد من الطعام

البداية

ظهرت تكنولوجيا أجهزة التخلص من بقايا الطعام، في الولايات المتحدة الأميركية عام 1927 عندما اخترع جون ووكر هامرز أول جهاز للتخلص من بقايا الطعام، ثم تم إطلاق شركة إنسينكراتور، المتخصصة في هذا المجال في عام 1938 بولاية «ويسكونسن»، وفي عام 1967 تم شراء الشركة من قبل شركة «إيمرسون» التي كانت صاحبة السبق في اختراع أجهزة التخلص من بقايا الطعام الناتجة عن الاستخدامات المنزلية والتجارية على حد سواء، لتقود الصناعة وتعمل باستمرار على خلق وتطوير المنتجات التي تلبي احتياجات العملاء.

وفي عام 2010، افتتحت شركة إنسينكراتور، مكاتبها في دبي بهدف تسويق إنتاجها الصديق للبيئة، حيث يُعدّ الشرق الأوسط من أسرع الأسواق نمواً في قطاع التكنولوجيا البيئية، نظراً لازدياد وعي المستهلكين بضرورة إعطاء الأولوية للمنتجات الخضراء والصديقة للبيئة، إلى جانب سعي حكومات المنطقة لإيجاد طرق إدارةٍ أفضل لتقليص أحجام فضلات الطعام، بما يواكب تطوّر البنية التحتية في هذه الدول. وفي عام 2017 قامت الشركة بافتتاح مركز تدريب متخصص لمنتجات وحلول إنسينكراتور ضمن المنطقة الحرة في جبل علي بدبي، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات للطاقة النظيفة والصديقة للبيئة.

وحالياً توفر الشركة حلولاً خضراء لإدارة نفايات الطعام وحلولاً أخرى تتعلق بتوفير المياه الساخنة الفورية والموفرة للطاقة لعدد من المشاريع في الإمارات والمنطقة، ومنها توفير حلول إدارة نفايات الطعام لأكثر من 589 فيلا وشقة ضمن مشروع «المدينة المستدامة» دبي، الذي تعمل عليه شركة «دايموند ديفلوبرز» للتطوير العقاري.

أهمية التكنولوجيا

 توفر الحلول العصرية والمبتكرة صديقة البيئة في مجال التخلص من نفايات الطعام مزايا عدة وأهمها تحسين النظافة المنزلية بشكل كبير، حيث إنها تخفض حجم النفايات اليومية للمنازل بنسبة تراوح بين 35% إلى 40%، وذلك مع اقتصار استهلاك المياه على 1% أو أقل من إجمالي المياه التي تستخدمها العائلة، وبحيث لا تتجاوز فاتورة الكهرباء تقريباً 5 إلى 10 دراهم سنوياً، فضلاً عن أن هذه الحلول التقنية تقي شبكة أنابيب الصرف الصحي من أي انسدادات ناجمة عن بقايا الأطعمة.

وأصبحت حلول التخلص من نفايات الطعام الخيار الأمثل لأصحاب المطاعم والفنادق الذين يبحثون عن حلول مبتكرة ومستدامة لتلبية احتياجات قطاع الضيافة المتنامي، إذ تخفض حجم النفايات التي يصدرها يومياً بنسبة تصل إلى 70%.

وعن فوائد أجهزة التخلص من بقايا الطعام، فهي أنها تُعتبر بشكل عام الطريقة الأسرع والأسهل والأكثر ملائمة للبيئة للتخلص مع مخلفات الطعام، كما تسهم في تحسين نظافة المطبخ ومنطقة إعداد الطعام، مع العمل على إزالة فضلات الطعام والروائح المنبعثة من سلة المهملات، إضافة إلى استخدام عدد اقل من أكياس القمامة ومنع تكدسها داخل المنزل، ومن ثم عدم جذب الحشرات التي تتجمع على أكياس القمامة القذرة، وفضلاً عن ذلك، فإن أجهزة التخلص من بقايا الطعام توفر الوقت وتقلل من الإزعاج الناتج عن ملء وتفريغ صناديق القمامة، وهي تساعد أيضاً على تقليل كمية النفايات التي تذهب إلى مواقع طمر النفايات، إلى جانب أن تلك الأجهزة حجمها صغير، ما يساعد على تركيبها بسهولة تحت أي مغسلة أسفل المطبخ من دون أخذ مساحة، ويمكن تركيبها على معظم المصارف.

تكرير النفايات

تكرير النفايات 

وجدت دراسة دورة حياة الطعام التي أجرتها شركة «إنسينكِراتور» في عام 2011 أن إدارة النفايات الغذائية باستخدام جهاز التخلص من بقايا الطعام عن طريق الطحن هي الوسيلة الأقل تأثيراً على البيئة، قياساً بأساليب أخرى مثل طمر النفايات، مرجعة ذلك إلى أن طحن المخلفات الغذائية وإرسالها عن طريق مجاري مياه الصرف الصحي إلى محطة معالجة، وباستخدام تقنية الهضم اللاهوائي يمكن لمحطة المعالجة التقاط الغاز الحيوي على شكل غاز الميثان، الأمر الذي يساعد على تقليل وتحويل كمية النفايات المرسلة إلى مكبات النفايات، ما يؤدي إلى الحد من انبعاثات الكربون.

وأوضحت الدراسة التي استهدفت تقييم الأثر البيئي لخيارات إدارة النفايات الغذائية، وذلك بقصد فهم تأثيرات مختلف عمليات تكرير هذا النوع من النفايات(بما يشمل معالجة مياه الصرف الصحي، والطمر، والحرق، والتحويل إلى سماد) أن الأهم من ذلك أن نفايات الطعام هي المسؤول الأول عن انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الاحترار المناخي، وفي الوقت نفسه، يمكن لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي المجهزة الاستفادة من نفايات الطعام لتوليد الغاز الحيوي أو الأسمدة العضوية، مؤكدة أن تقديرات الشركة بعد مرور 75 عاماً على تأسيسها، أنها ساعدت في الحيلولة من دون وصول أكثر من 77.3 مليار رطل من فضلات الطعام إلى مكبات النفايات، وهي كميّة تكفي لملء عربات قطار يمتد من لوس أنجلوس إلى نيويورك ذهاباً وإياباً مرتين.

محمد كرم
محمد كرم

الفكرة والتطبيق

قال محمد كرم، مدير أول تطوير الأعمال لدى شركة إنسينكراتور في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إن دراسات الشركة أظهرت أن تحول أفراد مجتمع يتألف من 30 ألف نسمة إلى استخدام أجهزة التخلص من مخلفات الطعام، من شأنه توفير ما يكفي من الكهرباء لتشغيل 25 منزلاً لمدة عام، علاوة على المزايا الإضافية لأجهزة التخلص من مخلفات الطعام، بما فيها الحد من استهلاك المياه لكل أسرة وخفض مستوى التكاليف المرتبطة بهذا الاستهلاك، مؤكداً أنه يمكن تشغيل مصباح LED ذي استطاعة 10 واط لمدة 17 ساعة باستخدام الطاقة الناجمة عن إعادة تدوير رطل واحد من الطعام. 

ويضيف أن فكرة جهاز التخلص من مخلفات الطعام تقوم على تركيب وحدة حوض مطبخ عملية في مكان غير بارز داخل المطبخ، بهدف توفير طريقة حديثة ومريحة وسهلة للتخلص من بقايا الطعام، مع الحفاظ على البيئة، مع تجنب صناديق القمامة وسلة المهملات أو الذهاب إلى صناديق القمامة لتفريغ محتويات أكياس القمامة، مشيراً إلى أن مخلفات الطعام تشكل نسبة 30 % إلى 40 % من مخلفات المطبخ، ما يعني وجود مواد لزجة ومواد يصعب التخلص منها بسهولة تتسم بالرائحة الكريهة وتتجمع عليها الحشرات والبكتيريا، خاصة في المطابخ التي تتسم في الأغلب بدرجة الحرارة العالية والافتقار إلى منافذ التهوية، ما يشكل خطورة من وجود تلك النفايات.

وأضاف كرم، أن جهاز التخلص من مخلفات الطعام مزود بمفتاح تشغيل هوائي وحجرة مطورة من الفولاذ المقاوم للصدأ لطحن مخلفات الطعام، بما فيها العظام الصغيرة وذلك بشكل فوري وفعال، حيث يتم إنزال مخلفات الطعام في الحوض بفعل المياه لتتساقط في تجويف مخصص لذلك في طبق دوار، لافتاً إلى أنه عن طريق الحركة الدائرية السريعة يتم طحن جزيئات الطعام في ثوانٍ معدودة، إذ أن مفتاح التشغيل الهوائي يقوم بدفع الهواء إلى الأنبوب المربوط بالجهاز، ما يوفر على المستخدمين الحاجة لتركيب منفذ كهربائي إضافي في المطبخ، كما إن الجهاز يستخدم نحو 6 ليترات ماء يومياً أي ما يعادل 1 % أو أقل من إجمالي استهلاك الأسرة للماء يومياً.

وأوضح كرم، أنه بعد طحن مخلفات الطعام إلى جزيئات دقيقة يتم إنزالها في نظام الصرف بالمطبخ لتلحق بنظام معالجة المخلفات المحلية أو خزان الصرفي الصحي، ومن ثم يمكن استخدام فتات بقايا الطعام الذي يمر عبر نظام وحدات التخلص من مخلفات الطعام لتكوين مواد صلبة حيوية أو غازات كجزء من أسلوب إدارة المخلفات العام لتنتهي عملية إعادة التدوير بإيجاد مصدر للطاقة.

وتكشف التقديرات أن الشخص الواحد في دولة الإمارات ينتج نحو 2.7 كجم يومياً من النفايات (تزداد إلى 5.4 كجم يومياً خلال شهر رمضان) وبمعدل يومي يقارب ضعف ما ينتجه الفرد من النفايات في أوروبا، والذي يبلغ نحو 1.2 كجم من النفايات يومياً. كما تشير الدراسات إلى أن توفير هدر المواد الغذائية والنفايات العضوية التي يتم تحضيرها يحقق جدوى اقتصادية عن طريق إعادة تدويرها لإنتاج غاز الميثان الذي يتم تكثيفه وتجميعه ليتحول إلى غاز طبيعي لتشغيل المحطات وتشغيل السيارات وغير ذلك.

وعالمياً، تظهر بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن ما يقرب من ثلث الأغذية في العالم تتعرض للهدر سنوياً، ما يعادل نحو 1.3 مليار طن من الطعام، وتقدر تكلفة الغذاء المهدر سنوياً حول العالم بنحو تريليون دولار أميركي، في حين تقدر تكلفة التخلص من نفايات الطعام في جميع أنحاء العالم بنحو 410 مليارات دولار سنوياً. وإذا تم تقليل أو إنقاذ ربع الطعام فقط الذي يتم إهداره حالياً في العالم، فسوف يكون ذلك كافياً لإطعام نحو 870 مليون شخص جائع في مختلف أنحاء العالم.