ولمن لا يعرف من هو القرشى، زعيم داعش الأخير، فهو أبو إبراهيم أمير محمد سعيد عبدالرحمن المولى، المولود فى عام 76، فى بلدة تلعفر،على بعد 70 ميلاً، من الموصل لعائلة تركمانية، وهو الأمر الغريب، أن يقود داعش رجل ليس من أصل عربي. تخرج فى كلية العلوم الإسلامية، فى الموصل، وخدم بالجيش العراقى، قبل أن ينضم لتنظيم القاعدة، عقب الغزو الأمريكى للعراق. وفى عام 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، والتقى فى محبسه بـ «أبو بكر البغدادى، وبعد الافراج عنهما، أصبح من المقربين للبغدادى، خاصة بعد إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا (داعش). وفى عام 2014 أصبح الهاشمى المندوب الدينى للتنظيم، وتولى قيادة داعش بعد مقتل أبو بكر البغدادى فى 2019.لعب دوراً كبيراً فى تصفية الأقلية الأيزيدية فى العراق، وكانت آخر أعماله، الهجوم على سجن الحسكة فى سوريا، لتحرير أسرى داعش، إلا أن العملية فشلت، بعدما راح ضحيتها 50 شخصاً، على الأقل.
تمت عملية القضاء على القرشى فى منطقة أطمه، فى ريف إدلب الشمالى، فى سوريا، على مقربة من الحدود التركية، وتحديداً فى قرية باريشا السورية، التى قتل فيها زعيم داعش السابق أبو بكر البغدادى فى أكتوبر 2019، فى عملية، أخرى، نفذتها القوات الأمريكية، وهو ما كان مثارا للعديد من التساؤلات، عن سبب اختيار قادة داعش تلك المنطقة، تحديداً، على الحدود بين سوريا وتركيا،للاختباء بها؟ وهل تجهل تركيا وأجهزتها الأمنية بوجودهم؟
تفيد المعلومات بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كانت تراقب المنطقة، عن قرب، عندما اكتشفت خروج أحد الأشخاص عرجاً، فكانت تلك البداية، حينما تم التركيز عليه، فعرفوا أنه أبو إبراهيم القرشي. وبدأت عملية القبض عليه باقتراب المروحيات الأمريكية، لإنزال فريق من القوات الخاصة،لمحاصرة المبنى السكنى، ونادت بمكبرات الصوت، باللغة العربية، بحتمية استسلام جميع من بالداخل، ولما أدرك زعيم داعش استحالة نجاته، قام بتفجير نفسه بحزام ناسف، ليلقى حتفه،على الفور،هو وأفراد أسرته، ممن كانوا معه. كان الرئيس جو بايدن يتابع تنفيذ العملية،على الهواء مباشرة، من غرفة العمليات بالبيت، ومعه نائبه كامالا هاريس، ووزير دفاعه، وكبار قادة البنتاجون. وتقول المصادر إن خطة القضاء على زعيم داعش، عُرضت على بايدن يوم الثلاثاء، ووافق عليها، وتم التنفيذ يوم الخميس، باتباع نفس أسلوب التحضير للعمليات السابقة، وأهمها عملية القضاء على بن لادن،حيث جرت محاكاة، كاملة، للعملية،والتدريب عليها، ببناء منزل بنفس شكل وتصميم المنزل الذى يعيش فيه زعيم داعش، والمنطقة المحيطة به، وكان مجموع من قتلوا، فى تلك العملية، 13 شخصاً، بينهم ستة أطفال، وأربع نساء، فى عملية تم تنفيذها بمجموعة قتال خاصة أمريكية، قوامها 20 فرداً من الكوماندوز، مدعومين بطائرات هليكوبتر، وطائرات بدون طيار مسلحة، وطائرات هجومية.
ورغم أن جو بايدن قد عارض، من قبل، عندما كان نائباً للرئيس الأمريكى أوباما، حتى عام 2017، عملية القضاء على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، فى مخبئه فى أفغانستان، فإنه وافق، هذه المرة، على القضاء على القرشى، وأصدر أوامره بالتنفيذ. ولقد شكر بايدن قوات سوريا الديمقراطية، المسيطرة على شمال سوريا، وهى من العناصر الكردية الموالية لأمريكا فى هذه المنطقة، مؤكداً استمرار دعم الولايات المتحدة لهم، خاصة أنهم قد ساعدوا الولايات المتحدة الأمريكية، فى القضاء على عناصر داعش، فى شمال سوريا، خلال فترة حكم الرئيس ترامب.
ومؤخراً، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، لمن يتقدم بمعلومات للتعرف على مكان زعيم تنظيم داعش، فى ولاية خراسان، فى أفغانستان، ثناء الله غفارى،الذى تبنى تنظيمه مسئولية الهجوم الإرهابى، على مطار كابول، يوم 26 أغسطس 2021، وراح ضحيته نحو 100 فرد، بينهم 13 عسكرياً أمريكياً. جدير بالذكر أن ثناء الله غفارى تم تعيينه أميراً لتنظيم داعش خراسان فى يونيو 2020، ذلك الفرع من التنظيم الذى تأسس على أيدى عناصر متطرفة من باكستان وأفغانستان وبعض الدول المحيطة، وركز فى البداية على تجارة المخدرات لتدبير التمويل، وبعدها قام بالعديد من التفجيرات الانتحارية فى كابول، ومدن أخرى، كان منها قتل موظفى الصليب الأحمر هناك. وهكذا جاء القضاء على زعيم داعش إبراهيم الهاشمى القرشى،ضمن السلسلة الأمريكية للقضاء على قادة التنظيمات الإرهابية، بدءاً من بن لادن وأبوبكر البغدادى، والتى سأتناولها، ببعض التفصيل، فى مقالات لاحقة، والتى يجمع بينها مشهد النهاية، بظهور الرئيس الأمريكى على شاشات التليفزيون، لإعلان نجاح قوات بلاده فى عملية القضاء على الزعيم الإرهابى.