واحة الفرافرة هى أصغر واحات الصحراء الغربية والأبعد من وادى النيل، تقع وسط وحتى البحرية (التابعة لمحافظة الجيزة والتى تبعد عنها شمالا مسافة مائة وسبعين كيلومترا) وواحة الداخلة جنوبا (التابعة مثلها لمحافظة الوادى الجديد وهى المحافظة التى لم يزرها ولا يعلم عنها شىء معظم شعب مصر والتى تبعد عنها مسافة ثلاثمائة وعشرين كيلومترا).
والطريق المحصور بين هذه الواحات ممتاز بكل المقاييس، ييسر الحركة السياحية بينها. كان الفراعنة يلقبوها (تاأحت)، أى أرض البقرة، لكثرة مراعيها وأبقارها، وسماها الرومان بأرض الغلال.
كانت ملاذا لأقباط مصر الذين اضطهدهم الرومان ..وخلال الفتح العربى ازدهرت بها تجارة البلح والزيتون.
تعتبر الفرافرة أغنى واحات مصر بالخزان الجوفى للمياه؛ حيث إن طول عامود المياه من ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف متر وهى تقع أعلى خزان الحجر الرملى النوبى الذى يمتد لمناطق شاسعة بمصر وليبيا وتشاد وشمال السودان.
مثل واحة سيوة، كان وسط عاصمتها الملقبة بقصر الفرافرة حصن واقع على ربوة مرتفعة تطل من جميع الأجناب على القرية وعاصمة الواحة، وكان ارتفاع جدرانه اثنى عشرة مترا وبه مائتان وستة وعشرون غرفة، كل غرفة مخصصة لأسرة من أسر الواحة تلجأ لها للإقامة الطارئة وقت أى هجمات أو تهديد خارجى قادم للواحة من العصابات القادمة من الغرب أو الجنوب.
وقد انهارت جدران الحصن عام 1950 بسبب أمطار غزيرة ونادرة. كما يوجد بها قصر أبو منقار من بقايا العصر الرومانى.
يعشق السياح التجول فى حوارى الواحة وسط مساكنها الطينية البالغة النظافة والمزركشة برسومات ملونة جميلة؛ منها ما يرمز لإتمام صاحبها لفريضة الحج أو رسومات للأشجار والنخيل، ويلتقطون صورا لأبوابها الخشبية القديمة جدا ذات المزاليج والمفاتيح الخشبية، والتى لا مثيل لها اليوم فى العالم أجمع، ومزارع النخيل والزيتون.
يوجد بالواحة فندقان برخص سياحية وثلاثة فنادق برخص محلية، ومعظم فنادق واحات مصر التى تم تشييدها خلال الثلاثين سنة الأخيرة تميزت بالبساطة وباستخدام الخامات المحلية مع الالتزام بالتراث المعمارى المناسب لمناخ الصحراء، مثل القباب والأسقف المرتفعة والنوافذ صغيرة الحجم مع انتشار المظلات فى أرجاء الفندق لتقى النزلاء من أشعة الشمس، والاعتماد على الأثاث البسيط والمصنّع بأيدى سكان الواحات.
يوجد بكل فندق عين مياه طبيعية أو حمام سباحة يعتمد على ينبوع مياه جوفية، وكل العاملين بهذه الفنادق من سكان الواحات.
بالواحة متحف صمم على هيئة بيت واحاتى يضم تشكيلة ممتازة من التماثيل الفخارية والمنحوتة على الحجر الرملى وعلى جزوع الأشجار، والتى تعبر عن عادات وتقاليد أهل الواحة، إلى جانب منتجات متنوعة يقبل عليها السياح، ما جعل هذا المتحف ينول اهتمام المؤسسات الأوروبية.
يوجد بالواحة بئر عميق ساخن، وعلى بعد 38 كم شمال غرب عاصمتها وبعد الوادى الأبيض توجد «عين دالة»، آخر عين مياه عذبة قبل الدخول لكثبان بحر الرمال الأعظم، وهى عين لها تاريخ عريق حيث مر الجيوش عليها لمئات السنين (ومنها جيش قمبيز الذى تكون من خمسين ألف مقاتل دفنوا بالكامل تحت عاصفة رملية هائلة قبل بلوغهم واحة سيوة) ومر المغامرون والمستكشفون والقوافل، فكانت مياهها العذبة مصدر الحياة لمئات الرحل ودوابهم.
ووسط المسافة بين عاصمة الواحه و«عين دالة» تقع محمية الصحراء البيضاء، التى تبلغ مساحتها ثلاثة آلاف كيلومتر مربع وتحتوى على تشكيلات طباشيرية جميلة نحتتها وشكلتها الرياح على مدار آلاف السنين، تتحول إلى عالم سحرى ليلا مع انعكاس ضوء القمر الفضى عليها فتتوهج بإضاءة باهرة الجمال، وفجرا وغروبا عندما تغمرها أشعة الشمس الذهبيةوتتلاعب بألوانها الحمراء والبرتقالية فتبهر الناظرين. وهذا ما يجذب السياح لقضاء يوم كامل وليلة للاستمتاع بهذه الظواهر الطبيعية رائعة الجمال. تمتلئ المحمية بحفريات الكائنات البحرية التى اندثرت منذ ملايين السنين بعد انحسار البحر عنها، واليوم يعيش فى نطاقها الغزال الأبيض والكبش الأروى.
ويوجد على مسافة 160 كم من العاصمة «كهف قارة»، وهى محمية طبيعية مستقبلية يوجد على جدرانها رسومات بدائية لإنسان العصر الحجرى الذى عاش بها وتشكيلات نادرة من الهوابط والصواعد، ومساحتها ألف متر مربع. وهذا المكشوف حتى الآن، حيث يوجد قطاع كبير من هذا الكهف مدفون تحت الرمال لا يعلم أحد حتى اليوم ما يخفيه.
تنظم الرحلات للنزلاء من الفنادق؛ فهناك رحلات بسيارات الدفع الرباعى ورحلات بالجمال ورحلات بالسير على الأقدام، وذلك للصحراء البيضاء وعين دالة والواحات الصغيرة المنتشرة حول الفرافرة، مثل عين الحديقة وعين التنين وعين جالو، هذا بالإضافة لبحيرة الحطية.
كما كانت تنطلق من هذه الفنادق رحلات إلى عمق الصحراء الرائعة، والتى كانت محط الاهتمام البالغ من السياحة وصناعة السينما العالمية والبعثات العلمية، وكانت آخر رحلة سياحية لهذا القطاع البالغ الثراء تاريخيا وجيولوجيا وبيئيا وجمالا فى شهر مارس من عام ٢٠١٤ لعدد عشرين صحفيا مصريا وعالميا وتسعة علماء دوليين فى عدة تخصصات، وقد حققت هذه الرحلة تغطية إعلامية هائلة بجميع وسائل الإعلام الدولية، إلا أن هذه الرحلات توقفت تماما بعدها.
وسط الواحة يوجد مقر جمعية التنمية الشاملة التى تهدف إلى الحفاظ على الحرف التقليدية المتوارثة، مثل صناعات جريد وألياف النخل والكليم والحصير ومنتجات الفخار ومنتجات وبر الجمال. والطريف أن أشهر شخصية بالواحة رجل يلقبه الأجانب بمستر سوكس (جوارب) لأنه وأسرته يصنعون الجوارب والطواقى والكوفيات بأسلوب بدائى يدوى جميل من وبر الجمال ومن صوف الدواب، ويتنقل فى أرجاء الواحة لبيع منتجاته للسياح على موتوسيكل من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
أهل هذه الواحة معروفون بالكرم ودماثة الخلق.. فى الأخير يجب الإشارة إلى أن هذه الواحة دخلت التاريخ؛ حيث تم بها كامل الدراسات العلمية بالاستشعار عن بُعد وبمعدات علمية باهظة التكاليف قامت بها وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية واليابانية أوائل القرن الحالى لتثبت أن واحة الفرافرة وواحة البحرية أقرب موقعين على وجه الكرة الأرضية من تضاريس كوكب المريخ لوقوعهما أعلى خزان المياه الجوفية.
وهو ما ساهم فى عملية البحث عن المياه فى عمق سطح الكوكب الأحمر «المريخ» الذى يعد هدفا لبناء مستعمرات للإنسان عليه فى المستقبل القريب.
وقد حققت هذه الدراسات الميدانية هدفها عند مقارنة المعلومات التى بثها المسبار المتحرك على سطح المريخ بالمعلومات التى سجلتها الأجهزة العلمية بواحة الفرافرة والتى أثبتت وجود مياه فى عمق كوكب المريخ.