أخبارسياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

مقال قديم جديد ..”محمود عبد المنعم القيسونى” يكتب عن : «رأس محمد» حيث لا حكومة ولا قانون

في يوم 22 فبراير، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

عام ١٩٧٠ تم إخراج فيلم وثائقى بريطانى عن الكنوز البحرية رائعة الجمال برأس محمد، وقد قام الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا، بتسجيل مقدمة الفيلم، وهو ما يؤكد ثقل وأهمية هذا الكنز البحرى النادر حقاً. عام ١٩٨٣ صدر القانون ١٠٢ التاريخى الخاص بالمحميات الطبيعية بهدف حماية وصيانة كنوز مصر من الموارد الطبيعية والبيئية. تلا ذلك إعلان رئيس مجلس الوزراء القرار رقم ١٠٦٨ بأن منطقة رأس محمد وجزيرتى تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء محميات طبيعية تشكل نموذجاً للنظم البيئية الطبيعية بهدف حفظها فى حالتها التى فطرها الله سبحانه وتعالى عليها، ثم عام ١٩٩٦ صدر قرار ثان مكمل ومعدل لرئيس مجلس الوزراء برقم ٢٠٣٥ بتعديلات وإضافات لتصل مساحة المحمية إلى ٤٨٠ كيلومترا مربعا بعد أن كانت ٩٧ كيلومترا مربعا، حيث تم ضم قطاع لُقب بمنطقة الإدارة البيئية لمحمية رأس محمد تشمل خليج نعمة وشارم الميه وشارم المينا، وهو قطاع يقع بشمال شرق محمية رأس محمد.. ومحمية رأس محمد ومنطقة الإدارة البيئية للمحمية كانت وقت صدور القرارات ثرية جدا بالشواطئ المرجانية الممتدة فى أعماق المحيط المائى مع تنوع هائل من الأسماك الملونة والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض والأحياء البحرية المائية النادرة وتنوع رائع الجمال من الشعاب المرجانية ذات الأشكال والألوان، والتى تكونت طوال ٤٥٠ مليون عام، ما أدى إلى إطلاق لقب الجنه تحت الماء عليها وهى التى توفر الطعام والحماية لكائنات النطاق البحرى للمحمية، وقد جذبت علماء العالم لدراسة وتتبع تطور الشعاب المرجانية بها خلال العمر الجيولوجى حتى الوقت الراهن، كما تشتمل على بيئة المانجروف أمام شواطئها، وقد قامت المجموعة الأوروبية بتخصيص ميزانية ضخمة للتعاون مع مصر حيال تطوير المحمية من يوليو ١٩٨٩ حتى ٢٠٠٣ لتتحول لمحمية مكتملة الخدمات والإمكانيات والمعدات لحمايتها من التدهور والتدمير..

فى عام ٢٠١٣ بعد أن أعلنت الأمم المتحدة اختيار ثمانية مواقع على مستوى العالم لتفعيل منظومة مشروع مسارات هجرة الطيور بالمقاصد لتكوين شبكة للمقاصد المستدامة للطيور المهاجرة والمجتمعات المحلية والسائحين لإعدادها وتجهيزها لاستقبال أفواج سياحة مراقبة الطيور المتضاعفة عاما بعد عام، ومن هذه المواقع محمية رأس محمد وغرب شرم الشيخ- طُلب منى فى شهر مارس من عام ٢٠١٤ مرافقة ممثلى منظمة السياحة العالمية والمنظمة الدولية لحماية الطيور فى زيارتهم للمحمية لإجراء دراسة ميدانية على الطبيعة لرفعها للمنظمات الدولية، وقد صُدم أعضاء الوفد عندما شاهدوا العشرات من زوارق الصيد ذات الأحجام المختلفة داخل النطاق البحرى للمحمية، وأخجلنى سيل الأسئلة التى أثاروها أمامى، وأبسطها (أليس هذا ضد قوانين الدولة؟) وأخذوا يلتقطون الصور لهذا المشهد الصادم. وفى العام التالى 2015 تم إحباط ووقف تفعيل منظومة تنظيم نشاط الصيد أمام سواحل جنوب سيناء، وحظر الصيد داخل محمية رأس محمد مع تطبيق كل القوانين المنظمة وهى المنظومة التى اتفقت عليها وزارات السياحة والبيئة والزراعة والهيئات التابعة لها بغرض حماية التنوع الحياتى ووقف كارثة الصيد الجائر. ويجرى فى تحد سافر لسيادة وقوانين الدولة نهب وتدمير الكنوز البحرية داخل نطاق المحمية ومنطقة الإدارة البيئية يوميا طوال أكثر من خمس سنوات ليل نهار بكل وسائل ومعدات الصيد غير القانونية دون أدنى اعتراض، وتحولت جنة محمية رأس محمد البحرية إلى خرابة ودمار وقبح صادم بكل المقاييس، فالأفلام التى تُعرض اليوم على شبكات الإنترنت لحال منطقة الإدارة البيئية للمحمية تظهر الدمار التام الذى حدث لكنوزنا من الشعاب المرجانية النادرة وأطلالها المحطمة المغطاة بشباك الصيادين الممزقة وقد فقدت ألوانها الزاهية الجميلة واختفت من حولها مظاهر التنوع الحياتى البحرى الرائعة، ولنا بالمنطق أن نتخيل حال ما هو داخل النطاق البحرى لمحمية رأس محمد بعد حوالى خمس سنوات من الصيد الجائر الكثيف بكل أنواع الشباك غير القانونية، وهى التى كانت تجذب من خلال سياحة الغوص أكثر من ثلاثة ملايين غواص من حول العالم سنويا، يضاف لهم عائلاتهم، ما كان يدر ملايين الملايين دون مبالغة من الدولارات للدخل القومى، فقد كانت قبلة هواة الغوص واليوم انتفت منها صفة المحمية لتتحول لمرتع دائم ظاهر كالشمس لعمليات الصيد الجائر غير القانونى وتوابعه المدمرة. للأسف هناك عدة جهات بكامل الإمكانيات والتجهيزات اللازمة مكلفة قانونا بحماية المحمية ومنطقة الإدارة البيئية والحفاظ على كنوزها تصرف لهم الرواتب كامله والعلاوات مقابل تقاعسهم الكامل ١٠٠٪‏ عن أداء مهامهم وواجباتهم والحال مستمر.. أقترح حفظاً لماء الوجه قرارا شجاعا بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٠٦٨ لسنة ١٩٨٣ ورقم ٢٠٣٥ لسنة ١٩٩٦ باعتبار رأس محمد محمية طبيعية.

كاتب المقال

محمود عبد المنعم القيسونى

الخبير الدولى فى شئون السياحة والبيئة

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالاتحاد المصرى للغرف السياحية

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالمجالس القومية المتخصصة، التابعة لرئاسة الجمهورية.

ممثل مصر فى كل المؤتمرات الدولية تحت علم الأمم المتحدة ومنظمة السياحة العالمية الخاصة بهذا النشاط الجديد.

 عضو منتخب باللجنة الدولية لأخلاقيات السياحة، التابعة لمنظمة السياحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة لمدة خمس سنوات

ومستشار متطوع لوزير السياحة ووزيرة البيئة لشؤون السياحة البيئية سبع سنوات

المقال نقلاً عن المصرى اليوم وتم نشره يوم الخميس 28-07-2016