للسياحة وجه آخر رائع غفله العالم وهو المرتبط بالاكتشافات الأثرية والتى هزت العالم، وأختار مصر لسرد بعض الأمثلة المرتبطة بعنوان المقال.
فبسبب سياحة الاستشفاء أقام النبيل البريطانى اللورد كارنرفون عدة شهور من كل عام فى الربع الأول من القرن الماضى فى أسوان والأقصر هربا من صقيع وضباب لندن ليلتقى بالمنقب البريطانى هاورد كارتر المؤمن بوجود مقبرة ملكية بوادى الملوك لم تكتشف بعد .
فيوافق النبيل على تمويل عمليات التنقيب المضنية طوال مواسم شهور الشتاء لمدة سبع سنوات، فى نهايتها عندما بلغ اليأس مداه وقرر كارنرفون وقف التمويل اكتشفوا عام 1922 أول مقبرة ملكية كاملة لم تمس مقبرة ملك مصر توت عنخ آمون المكتظة بالذهب ليهتز العالم أجمع وتتوافد وسائل الإعلام والشخصيات العالمية بالآلاف لزيارة أعظم اكتشاف فى القرن.
عام 1948 كان الملك عبدالعزيز آل سعود فى زيارة رسمية لمصر، وطلب من الملك فاروق زيارة أهرامات الجيزة، فتم فورا تدبير برنامج سياحى وأثناء الالتفاف حول هرم خوفو لاحظ الملك عبدالعزيز أن الجانب الجنوبى من الهرم مغطى بتل ضخم من الرمال فاقترح العمل على إزالته.
وهو ما اعتبره الملك فاروق أمرا ملكيا صدق عليه فورا وطلب من مسؤولى الآثار التنفيذ وبدأت عمليات رفع الأتربة منذ ذلك التاريخ ولمدة ست سنوات، وعند بلوغ أرضية الهضبة يوم 25 مايو 1954 تم اكتشاف مقبرتين لمراكب خوفو الجنائزية أقدم وأجمل مركبتين فى التاريخ.
عام1990 امتطت سائحة أمريكية حصانا وانطلقت تعدو على رمال الصحراء من قرية نزلة السمان شرق هرم خوفو ليرتطم حافر الحصان بجدار مبنى من قوالب الطمى مخفى وسط الرمال، ما أدى إلى سقوط السائحة.
وباستطلاع سبب سقوطها تم اكتشاف الجدار الطينى ليتم إخطار الدكتور زاهى حواس، مدير عام آثار هضبة الأهرام وقتها، والذى قام بفحص الجدار ليكتشف أنه ركن جبانة بناة الأهرامات فتمت عمليات تنقيب ودراسات ضخمة لكامل هذا القطاع ليتأكد عمليا وعلميا أن بناة الأهرامات كانوا يعاملون معاملة إنسانية ونالوا كامل الرعاية الطبية والخدمات الإدارية المتكاملة لتعينهم طوال شهور عملهم فى هذه المهمة المقدسة وقتها، وهو ما دحض مزاعم وأكاذيب اليهود طوال القرن الماضى من أنهم كانوا مستعبدين وبنوا أهرامات الجيزة بالسوط ووسائل التعذيب.
نهاية القرن الماضى وأوائل القرن الحالى اكتشف سياح رحلات عمق الصحراء عدة كهوف ثرية برسومات ملونة للحياة اليومية للإنسان المصرى الأول غرب الجلف الكبير بوادى صور أقصى جنوب غرب مصر لتضاف صفحات جديدة ثريه لتاريخ مصر.
أوائل القرن الحالى اكتشف سائحون إيطاليون من محترفى التنقيب عدد أربع ركايب معدنية خاصة بفرسان فى موقع مجاور للكثبان الرملية وسط واحات سيترة والبحرين ونواميسا والعرج شرق واحة سيوة بمسافة حوالى مائة وسبعين كيلومترا.
وعند تحليل معدن هذه الركايب ثبت أنها صناعة فارسية من حقبة احتلال قمبيز لمصر، وأنها قد تكون لفرسان استطلاع جيش قمبيز (خمسون ألف مقاتل) والذين دفعهم قمبيز من طيبة (الأقصر) عام 524 قبل الميلاد لتدمير واحة سيوة وقتل وأسر كل من فيها، وعلى رأسهم كهنة أمون الذين أشعلوا روح المقاومة ضد الاحتلال الفارسى، لكنهم اختفوا تماما تحت رمال عاصفة رملية مهولة انقضت عليهم وسط النهار كما جاء بكتاب هيرودوت أبوالتاريخ.
وهذا الكشف الأخير يشير إلى أننا اقتربنا أكثر من اكتشاف سيكون أعظم من توت عنخ آمون بمراحل، حيث يتوقع العلماء عند اكتشاف هذا الجيش ستكون كامل معداته وأسلحته وملابسه وتعييناته سليمة متكاملة، كما أن جثث الجنود ستكون قد تحولت لمومياوات عليها الجلد بسبب قحولة وجفاف هذا القطاع، ولنا أن نتخيل وقع هذا الاكتشاف عالميا وتوابعه على السياحة المصرية.