كنت على موعد لتقديم محاضرة عن استراتيجية مصر في عام 2022، للدارسين وأعضاء هيئة التدريس بكلية القادة والأركان المصرية، أو “مصنع قادة القوات المسلحة”. ورغم تعدد زياراتي السعيدة لتلك الكلية العريقة، بدءاً من دراستي بها لمدة عام ونصف، أو عودتي إليها كعضو هيئة التدريس، لمدة ثلاث أعوام العام، فور إنهاء دراستي بكلية كمبرلي الملكية بإنجلترا، لفترة كانت من أسعد فترات خدمتي، نقلنا خلالهم أساليب قتال العقيدة القتالية العسكرية الغربية، إلا أنني لازلت أشعر بذات الرهبة أمام عظمة تلك الكلية العسكرية العريقة.
فور وصولي للكلية، وقبل بدء المحاضرة، طفت بها في جولة لاستعادة الذكريات، وشعرت بالفخر والعزة لما لمسته من تطور، حيث أصبحت الكلية تدرس، الآن، العقيدة القتالية الشرقية (السوفيتية)، جنباً إلى جنب مع العقيدة القتالية الغربية للولايات المتحدة ودول حلف الناتو، مضافاً إليها خبرة قواتنا المسلحة في مقاومة الإرهاب، وهي موضوعات لا يتم تدريسها، مجتمعة، في أي كلية أركان حرب في العالم، إلا هنا في مصر.
ودخلت متحف الكلية، الذي يضم صوراً لعظماء خريجيها سواء المصريين، بدءاً من الرؤساء محمد نجيب وعبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة والرئيس السيسي، أو خريجيها من رؤساء الدول الأفريقية والعربية، ومنهم على سبيل المثال، لا الحصر، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ومررت على غرف الدراسة والمحاضرات، المجهزة على أعلى مستوى بأحدث نظم تكنولوجيا المعلومات، والملحق بها معملاً للغات، لتدريب الدارسين على استخدام الحاسبات الآلية، بمختلف اللغات، في محاكاة لجميع مراحل المعركة، عند إصدار أوامر القتال، وحضرت مناقشة بعض التمارين التكتيكية التي تتم باللغة الإنجليزية.
أما أسعد المفاجآت فكانت في أعداد الدارسين بالكلية، من الدول الأوروبية والعربية والأفريقية، والتي تصل لأكبر من أي أعداد دارسين في كليات أركان حرب في العالم. كما حرصت على زيارة مركز المباريات الحربية، الذي أشرُف بأن كنت أول من نقل فكرته إلى مصر، فوجدته اليوم يُدار بأحدث الوسائل التكنولوجية وعلوم دراسة الأرض، من خلال الصور الثلاثية الأبعاد، وسعدت بملاحظة هذا التطور الحديث، في نظم التعليم، في أول كلية أركان في الشرق الأوسط، التي تم إنشاؤها عام 1825، بواسطة هيئة تدريس من المصريين والأوروبيين.
إن وجود مثل تلك الكلية العريقة على أرض مصر، يعد أحد عوامل تقدم القوات المسلحة المصرية، وتصنيفها على رأس قائمة أقوى الجيوش العسكرية في الشرق الأوسط.
Email: [email protected]
كاتب المقال
اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج
واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.
ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.
تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.
والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.
تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.
والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.
فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.
تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.
تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.
لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.
وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم.